تحققه قبل زمان التكلم هو ذلك ، وان كان مسندا إلى نفس الزمان أو ما فوق الزمان فلا يدل إلّا على مجرد التحقق كما في قولك «مضى الزمان أو الدهر أو علم الله» وأمثال ذلك ، فيكون استعمال الماضي في هذه الموارد بلا عناية وتجريد ، لأن الزمان لم يكن مأخوذا في معناه أصلا وانما كان مدلولا التزاميا له إذا كان فاعله من الزمانيات ، وهذا هو الّذي أوجب توهّم جملة من النحويّين كون الزمان الماضي مأخوذا في مدلوله.
وأما المستقبل فهيئته موضوعة للحكاية عن التلبس بالمبدإ فعلا وإذا دخل عليه السين أو سوف ينقلب إلى الاستقبال ، وعلى هذا يظهر الوجه في كون مفاد هيئة الأفعال معنى حرفيا ، لأنها تدل على تضييق تلك الصفة بالتحقيق في الفعل الماضي وبالتلبس في المستقبل.
وأما هيئة المصدر واسم المصدر فقد ظهر الحال فيهما مما تقدم. وأما هيئة بقية المشتقات من اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة واسم الآلة والمكان والزمان ونحوها فهي موضوعة لقصد تفهم ذات مبهمة من جميع الجهات سوى اسناد المبدأ وانتسابه إليه ، مثلا هيئة القائم تدل على ذات متصفة بتلك الصفة أما إنسان وأما حائط وأما رمح وأما حيوان وأما غير ذلك.
نعم تختلف أنحاء التلبسات فهيئة الفاعل دالّة على الذات المنتسب إليه المبدأ بالنسبة الصدورية ، وفي المفعول بالنسبة الوقوعية ، وفي الآلة بالنسبة الآلية إلى غير ذلك.
وعلى هذا فتكون الذات داخلة في مدلول المشتقات ، ولا وجه لما ذكره بعضهم من بساطة المشتقات بمعنى خروج الذات عن مدلولها ، نعم البساطة بمعنى آخر صحيح كما سنتعرض لذلك إن شاء الله تعالى في محله مفصّلا.
استدراك : ذكرنا ان هيئة الجمل الاسمية تدل على قصد المتكلم الاخبار