والجمل الاسمية تكون كلاما ، وبعبارة أخرى لم يرد في الخبر ان كلّ ما أنبأ عن حركة المسمى فهو فعل لينتقض بالجمل الاسمية ، وانما قال : الفعل الّذي هو كلمة ما ينبأ عن حركة المسمى ، ولا ينافي ذلك ان يكون شيئا آخر أيضا دال على ذلك.
هذا كله في بيان الخبر والفرق بين الاسم والفعل والحرف وبيان معانيها.
ثم انه يقع الكلام في الفرق بين الاخبار والإنشاء ، وان ظهر إجماله مما تقدم ، فنقول : المشهور كما في الكفاية (١) انه لا فرق بين الاخبار والإنشاء من حيث المعنى ، وان اختلافهما انما يكون باختلاف الدواعي ، بل ذكروا ان دلالة الجمل الخبرية المستعملة في الطلب على ذلك يكون آكد من دلالة صيغة افعل عليه ، خصوصا إذا كانت بصيغة الماضي وواقعة في جزاء الشرط كما في قولك «من قهقه في صلاته أعادها أو يعيدها» فان المتكلم لكثرة اشتياقه بذلك الأمر كأنه يعتبره مفروض الوجود والتحقق فيخبر عن ذلك.
وكيف كان على ما سلكناه في بيان الموضوع له في الجمل الخبرية وغيرها لا مجال لهذا التوهم أصلا.
بيان ذلك : هو ان الإنشاء عندهم عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ ، والظاهر انه مجرد لقلقة لسان ولا معنى لإيجاد المعنى باللفظ أصلا ، فان الموجودات على ما مرّ مرارا منحصرة في الموجودات الحقيقة ، وهي وجود الجواهر والأعراض الشاملة للأمور الانتزاعية أيضا ، وفي الموجودات الاعتبارية ولا ثالث.
فان أريد من إيجاد المعنى باللفظ الإيجاد الحقيقي فبالبداهة نرى انه لا يوجد باللفظ إلّا فرد من الكيف المسموع ليس إلّا ، ولا يكون اللفظ سببا ولا آلة لوجود المعنى أصلا ، وان أريد إيجاده بالوجود الاعتباري في وعاء الاعتبار ، وحينئذ لا
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ١٦.