بقي في المقام فرع وهو بيان معنى أسماء الإشارة والضمائر : صريح الكفاية (١) ان لفظ ذا مثلا موضوع لكل مفرد مذكر عاقل ، وان كون المعنى مشارا إليه ولحاظه كذلك انما يأتي من ناحية الاستعمال.
ونقول : لو سلمنا ما ذكره في المعنى الحرفي من ان الآلية والاستقلالية ينشئان من ناحية الاستعمال من دون ان يكون لشيء منهما دخل في الموضوع له لا نسلم ما ذكره في المقام ، فان الاستقلالية والآلية يكونان من لوازم الاستعمال ، بخلاف كون المعنى ملحوظا بما انه مشار إليه ، فان ذلك لا يكون من لوازم الاستعمال ، فلا وجه لاعتباره فيه ما لم يكن دخيلا في الموضوع له.
ومما ذكرناه ظهر فساد ما ذكره المحقق النائيني قدسسره ، من ان «ذا» موضوع للمفرد المذكر الّذي أشير إليه بهذا اللفظ أي الحصة الخاصة بنحو دخول التقييد وخروج القيد (٢).
فإنا نسأل إنه ما المراد من الإشارة إلى المعنى باللفظ؟ إن أريد منها الإشارة الاستعمالية فبكل لفظ يشار إلى معناه ففي استعمال لفظ الإنسان يشار إلى معناه ، وان أريد بها معنى آخر فأي شيء ذلك؟
وهناك احتمال آخر أدق من ذلك وهو ما أفاده بعض أعاظم مشايخنا وحاصله : إن «ذا» موضوع للمعنى الّذي أشير إليه بإشارة خارجية بإحدى آلات الإشارة من الإصبع والرّأس العين كما يتفق ذلك كثيرا عند استعمال هذه الألفاظ (٣).
وفيه : ان هذا كان يتم لو لم يكن استعمال أسماء الإشارة والضمائر والإشارة بها إلى غير المحسوسات والمعاني صحيحا بلا عناية ومسامحة ، كما يقال ان كان المراد
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ١٦.
(٢) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ١٣.
(٣) نهاية الدراية ـ ج ١ ـ ص ٦٤.