من هذا المعنى ذلك فهو باطل ، وبالجملة ما ذكره في الكفاية من ان اسم الإشارة كلفظ «ذا» موضوع لذات المشار إليه ، وان الإشارة تنشأ من ناحية الاستعمال كاللحاظ الآلي في الحروف فقد عرفت انه غير تام ، إذ لا معنى لكون الإشارة ناشئة من قبل الاستعمال أصلا إلّا ان يراد منها الإشارة بمعنى الاستعمال التي هي موجودة في جميع الألفاظ.
وهكذا ظهر عدم صحّة ما أفاده المحقق النائيني ، فأمتن الوجوه ما نقلناه عن شيخنا المحقّق قدسسره بان يكون اسم الإشارة موضوعا للحصة الخاصة من المعنى ، وهي المعنى المقيد بكونه مشارا إليه بالإشارة الخارجية أو الذهنية ، إلّا ان الإشكال فيه هو صحّة استعمال أسماء الإشارة في موارد غير قابلة للإشارة أصلا كما عرفت.
فالصحيح : في معاني أسماء الإشارة ما ذكره ابن مالك وغيره من النحويين من كونها موضوعة لنفس الإشارة لا للمشار إليه ، أي وضعت لأن يكون آلة للإشارة ، أي لأن يشار بها كما يشار باليد والعين ونحو ذلك ، والإشارة في مقابل التصريح معناها بيان المعنى بنحو الإبهام والإجمال ، كما ان التصريح هو البيان بنحو التفصيل ، ومن ثم سمّيت أسماء الإشارة والضمائر والموصولات بالمبهمات ، فالمبين فيها يكون قرائن خارجية من الصلة في الموصولات ، وذكر المشار إليه في الإشارة ، مثل ان تقول : «جئني بهذا الرّجل أو القرينة العقلية أو غير ذلك ، وإلّا فنفس الإشارة يكون فيها نوع إجمال غالبا كما لو أشير إلى الجدي وقيل «هذا الجدي» فانه لا يتعين ذلك بمجرد الإشارة.
وكيف كان ، فالصحيح في أسماء الإشارة ما ذكره النحويون ، ولا يرد عليه ما يقال : من ان لازمه عدم صحّة الحمل في مثل قولك «هذا زيد» أو «ذاك أخو عمر» وأمثال ذلك ، لأن لفظ «ذا» على هذا يكون بمنزلة الإشارة باليد فلا يكون للقضية موضوع ، وذلك لأنه انما يؤتي بلفظ «هذا أو ذاك» كما يؤتى بالإشارة