وعليه فاللفظ بالدلالة الوضعيّة يدل على قصد تفهيم المعنى وإرادته لكن طريقا إلى ذات المعنى لا مستقلا ، ففي الحقيقة يكون الموضوع والمحمول في قولك «زيد قائم» ذات زيد وذات القائم لا بما هما مراده ولا قصد الأمرين ، فلا يلزم المحاذير المذكورة في الكفاية على هذا التقريب.
ثم انه هل يكون للمركبات زائدا على وضع مفرداتها وضع مستقل أم لا؟ أما وضعها بما هي مركبات فممّا لا يتفوّه به عاقل ، وذلك :
أولا : لأن المحمولات والمعاني المركبة غير متناهية ، والوضع للغير المتناهي محال.
وثانيا : لا حاجة لوضع المركب بما هو مركب بعد وضع مفرداته ، فهو لغو واضح.
وثالثا : نرى بالوجدان صحّة تركيب الألفاظ بعضها مع بعض بحسب اختلاف مقاصد المتكلمين ومراداتهم في كل لغة من غير توقف على ثبوت وضع واستعمال ، ولو كان للمركبات وضع مستقل لكان صحة الاستعمال متوقفا على ثبوته وثبوت الاستعمال في تلك اللغة.
وأما وضع المركبات بمعنى وضع الهيئة التركيبية فهو أمر قابل للنزاع ، ولذا وقع الخلاف بينهم في ان الدال على النسبة والربط هل هو الهيئة ، أو هو الضمير المستتر ، أو هو الإعراب ، والمحقق النائيني (١) خصص ذلك بالجمل الاسمية ، ولا وجه لذلك.
والصحيح : ان الهيئات التركيبية بأجمعها تكون موضوعة ، بداهة انا نستفيد من المركبات مزايا وخصوصيات لا نستفيدها من المفردات ، كالحصر من تقديم ما
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٣٢.