حقه التأخير في مثل قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(١) وكون السابق من الاسمين فاعلا والمسبوق مفعولا في قولك «ضرب موسى عيسى» مع عدم ظهور الإعراب على لفظهما ، وليس هذه الدلالة عقلية ولا طبعية ، فلا بد وان تكون وضعية ، والدال على ذلك ليس إلّا الهيئة التركيبية.
ثم المعروف جريان المجاز والاستعارة والتشبيه في المركبات ، وقد مثلوا للأول بالمثال المعروف وهو قولهم في المتحير «يقدم رجلا ويؤخر رجلا». وللثاني بقوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ)(٢).
ونقول : أما الاستعارة والتشبيه فتجري في المركبات كما في الآية ، فانه ربما يشبه الاجزاء بالاجزاء بنحو العام الاستغراقي ، مثلا يشبه الإيمان بإيقاد النار أو بضوئه ، وذهاب الإيمان بخمود النار إلى غير ذلك ، وربما يشبه المجموع بالمجموع بنحو العموم المجموعي أي مفاد المركب بالمركب ، وأما المجاز واستعمال المركب في محل مركب آخر مجازا فممنوع بعد ما عرفت من ان المركب بما هو مركب ليس له معنى حقيقي أصلا.
ثم انهم اصطلحوا على ان وضع المواد يكون شخصيا ، ووضع الهيئات يكون نوعيا ، وقد أشكل على ذلك بأنه لو كان الوجه في كون الوضع في المواد شخصية ان الموضوع فيها شخص المادة لا غيرها ، ففي الهيئات أيضا يكون طرف العلقة الوضعيّة ذات الهيئة الخاصة كهيئة «فعل» لا غيرها كهيئة «يفعل» مثلا ، وهكذا لو كان نوعية وضع الهيئات سريان الهيئة في المواد ، فهو ثابت في المواد أيضا ، فما هو الفارق بينهما ليكون الوضع في إحداهما شخصية وفي الأخرى نوعية.
__________________
(١) الحمد ـ ٤.
(٢) البقرة ـ ١٧.