وما يقال : من ان هذه الألفاظ يكون وضعها من قبيل الوضع عام والموضوع له خاص فلا تحتاج إلى تصوير الجامع غير صحيح ، وذلك :
أولا : لأنّا نرى وجدانا انها تكون كغيرها من الألفاظ الموضوعة للمعاني الكلّية نظير لفظ الإنسان ولذا يحمل عليها محمولات تناسب الطبيعي مثلا يقال الصوم جنّة من النار أو الصلاة معراج المؤمن ، أو تنهى عن الفحشاء.
وثانيا : لو كان كذلك أيضا تحتاج إلى تصوير الجامع ، إذ الوضع عام على أي تقدير.
والمحقق النائيني (١) ذكر في بيان عدم الحاجة إلى تصوير الجامع وجها آخر حاصله : ان الصلاة مثلا موضوعة للمرتبة العالية منها واستعمالها في غيرها من المراتب يكون في تنزيل تلك المرتبة منزلة المرتبة الكاملة بنحو الاستعارة على ما يذكره السكاكي ، فيكون التنزيل في المراتب الصحيحة هي الاشتراك في الأثر وفي الافراد الفاسدة المشاكلة في الصورة.
وفيه : أولا : إنّا نرى بالوجدان صحّة استعمال الصلاة في غير المرتبة الكاملة بلا عناية وتنزيل أصلا نعم إطلاقها على صلاة الغريق ببعض مراتبها يكون مسامحة لا محالة فتأمل.
وثانيا : ان المرتبة الكاملة أيضا تكون مختلفة باختلاف أصنافها ، فان المرتبة الكاملة من صلاة الصبح ركعتان ، ومن المغرب ثلاثة ، ومن الظهرين أربعة ، ومن صلاة الآيات كيفية خاصة ، ومن صلاة العيدين شكل خاص ، فإذا لا بدّ لنا من تصوير الجامع بين أصناف تلك المرتبة أيضا.
ثم المراد من الصحة في تصوير الجامع بين الافراد الصحيحة أو الأعم هل
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٣٦.