الصحة من جميع الجهات أو من حيث الاجزاء والشرائط فقط؟
الظاهر هو الثاني ، وذلك لأن الصحة من جميع الجهات ربما تتوقف على أمور لا يمكن أخذها في المسمّى. مثلا يعتبر في صحّة العبادة ان لا تكون منهيّا عنها ، فان النهي في العبادة يوجب الفساد ، ومن الواضح ان تقيد المسمّى بان لا يكون منهيا عنه غير ممكن ، فان النهي عن العبادة فرع ان يكون هناك شيء سمّي بلفظ خاص وأمر به وتعلق النهي به أيضا كصوم العيدين مثلا ، ومع هذا كيف يمكن دخل عدمه في المسمّى؟! ومثل عدم المزاحم بناء على اعتباره في صحّة العبادة ، ومثل قصد القربة ، فان هذه الأمور معتبرة في الصحّة الفعلية ولا يعقل أخذها في المسمّى.
فالمراد من الصحّة هنا الصحّة من حيث الأجزاء والشرائط ، فالصحيحي يدّعي وضع الألفاظ للعمل المستجمع للأجزاء والشرائط ، والأعمّي يدعي وضعها للأعم منه ومن الفاقد لبعض الاجزاء والشرائط.
وبالجملة لا معنى لأن يكون المراد من الصحيح في المقام الصحة الفعلية ومن جميع الجهات ، إذ يعتبر فيها أمور متأخّرة عن المسمى مثل عدم النهي وعدم المزاحم وقصد القربة وأمثال ذلك.
والّذي يدل على ذلك ان أحدا من القائلين بفساد العبادة في مورد اجتماع الأمر والنهي لم يستدل على فسادها بعدم كونها مصداقا لذلك المسمّى ، حتى من القائلين بوضع الألفاظ للصحيح ، فالظاهر انه لم يقل أحد بان المراد من الصحّة في المقام الصحّة من جميع الحيثيّات ، بل صرحوا بان المراد هو الصحة من حيث الأجزاء والشرائط فقط.
وكيف كان لا بدّ من تصوير الجامع بين الافراد الصحيحة على القول بذلك ، وبين الأعم منها ومن الفاسدة على القول الآخر ، وما قيل في تصويره على الصحيح وجوه.