والتحقيق في المقام : ان النزاع في البراءة والاحتياط في الشبهات التحريمية وان كان كبرويا إلّا انه لا نزاع في جريان البراءة في الشبهات الوجوبية إذا كان الشك في التكليف دون المكلف به ، فكلما وقع النزاع فيه في الرجوع إلى البراءة والاشتغال من الشبهات الوجوبية كالأقل والأكثر الارتباطيين يكون النزاع فيه صغرويا في ان الشك في ذلك هل هو في أصل التكليف لتكون من صغريات مورد البراءة أو في المكلف به ليدخل في صغريات مجرى الاشتغال.
إذا عرفت ذلك نقول : على القول بالأعم يكون الرجوع إلى البراءة أو الاشتغال متفرعا على الانحلال وعدمه ، إذ.
على الأول ـ يكون تعلّق التكليف بالمتبقي معلوما ويشك في وجوب الزائد ، والشك فيه في أصل التكليف ، فيدفع بالبراءة.
وعلى الثاني ـ يكون أصل التكليف ثابتا ويشك في المكلف به لتردده بين ضدين على ما ذكرنا ، فكلام الشيخ على الأعمي واضح.
وأما على الصحيحي ، فلو التزمنا بان الجامع بين الأفراد الصحيحة نسبته إلى الافراد نسبة الكلي الطبيعي إلى مصاديقه ، وقلنا بأن الطبيعي أمر بسيط يوجد في ضمن الأفراد ، فلا مجال حينئذ للرجوع إلى البراءة ، لأن تعلق التكليف بذلك الأمر البسيط معلوم ، فيكون الشك في حصول امتثاله بإتيان هذا الفرد ، وهو مورد الاشتغال. وأما لو قلنا بان الكلّي لا وجود له في الخارج ، وانما هو مشير إلى الافراد وفي الحقيقة تكون الافراد متعلقا للتكليف ، فيكون تعلق التكليف بالاجزاء المتبقّية معلوما ويشك في تعلّقه بالجزء المشكوك ، فالشك في التكليف ، فيرجع إلى البراءة.
وأما على القول بان الجامع عنوان توليدي أو عنوان انتزاعي فلا معنى حينئذ لدعوى الانحلال أصلا ، بل لا بدّ من الرجوع إلى الاشتغال ، لأن الشك دائما يكون في المحصل ، فكلام المحقق النائيني قدسسره تامّ إلّا في فرض واحد.