وهكذا لو شككنا في طهوريّة المائع المردد بين الماء والنفط ، لا يمكننا الرجوع إلى إطلاق الآية ، لأنه صدق الماء على ذلك المائع غير محرز وورد في الآية (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) [البقرة ـ ٢٧٥] فلو شك في صحّة بيع وقع بغير العربية مثلا لأجل الشكّ في اعتبارها فيه بعد فرض صدق البيع عليه لا مانع من الرجوع إلى إطلاق (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) سواء كانت الحلّية بمعنى الإقرار والإمضاء أو كانت بمعنى الحلّية العقليّة ، وأما لو شككنا في صحّة بيع غير الأموال من جهة الشك في صدق البيع على ذلك لأجل احتمال اعتبار مالية العوضين في عنوان البيع كما هو ظاهر تعريف المصباح ، فانه لا يتوهم عاقل جواز التمسك بإطلاق الآية حينئذ لإثبات صحّة مثل ذلك البيع ، لأن صدق الموضوع عليه يكون مشكوكا فيه. وبالجملة فأول المقدمات هو إحراز صدق اللفظ على المورد ، وإذا ثبت ذلك يضم إليه بقية المقدمات الأخر ، فيتم الإطلاق ، وإلّا فلا مجال لذلك أصلا.
إذا عرفت هذا نقول : على الصحيح لا يمكن التمسك بالإطلاق ، لا لما قيل من ان المكلّف به هو العمل المقيد بالصحّة ، والصحّة مأخوذة فيه أما قيدا وأما تقيّدا ، ليقال ان ذلك غير مأخوذ في المأمور به فتمسّك فيه بالإطلاق ، فانه غير تام إذ الصحّة عنوان منتزع من انطباق المأمور به ، على المأتي به كما ان الفساد منتزع من عدم انطباقه عليه ، فهما متأخّران عن تعلّق الأمر بالشيء وإتيانه خارجا ، فكيف يعقل أخذ الصحّة في الأمر؟! بل لأن الموضوع له على ذلك يكون مجملا عرفا وقد أشير إليه بآثاره وإذا لم يكن مبينا فلا محالة يشك في صدقه على العمل الفاقد للجزء أو الشرط المشكوك فلا مجال فيه للتمسّك بالإطلاق.
وأما على الأعمّي فصدق اللفظ على الفاقد يكون محرزا ويشك في دخل قيد زائد فيه ، فإذا انضم إليه بقية المقدمات يتمسك بالإطلاق ، وهذا واضح ، فهذه الثمرة أيضا تامّة.