الأمر الأول :
في بيان موضوع علم الأصول
عرف موضوع العلم بأنه «ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة دون الغريبة». ولتوضيح ذلك لا بدّ من التكلّم في جهات ثلاث :
إحداها : هل تتوقف علميّة كلّ علم على أن يكون له موضوع جامع لموضوعات مسائله؟
ثانيها : في الفرق بين العوارض الذاتيّة والغريبة.
ثالثها : على تقدير ثبوت الموضوع للعلم هل يلزم ان يكون البحث في مسائله عن عوارض الموضوع الذاتيّة فقط ، أو يبحث فيها عن عوارضه الغريبة أيضا؟
الجهة الأولى : استدلوا على توقف كل علم على موضوع بما برهنوا عليه في الفلسفة العالية من أنّ الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد ، وإلّا لزم توارد علّتين على معلول واحد ، وطبّقوه على المقام بدعوى : أنّ الغرض المترتب على كل علم غرض واحد ، ويستحيل أن يكون معلولا لمسائله المتباينة بما هي متباينة ، فلا بد وان يكون بينها جهة جامعة ، بها تكون مؤثرة فيه.
وفيه : بعد تسليم أصل البرهان في محلّه ، لا وجه لتطبيقه على المقام ، لأنه :
أولا : أخصّ من المدّعى ، إذ لا ملزم لأن يكون في كل علم غرض مباين لنفس العلم وجودا مترتبا عليه ترتّب المعلول على علّته أو المقتضى على مقتضية ،