الاشتراك
الأقوال في الاشتراك ثلاثة : قول بوجوبه ، وقول باستحالته ، وقول بإمكانه. وليس المراد من الوجوب والامتناع الوجوب الذاتي أو الامتناع الذاتي ، بداهة ان الاشتراك ليس مما يوجب مجرد تصوره القطع بوجوبه أو استحالته ، بل المراد منه الوجوب الوقوعي بمعنى ان يترتّب على عدمه محذور ، والاستحالة الوقوعية بمعنى ترتّب المحذور على تحقّقه خارجا.
والقائل بوجوبه استدل على ذلك بان الألفاظ متناهية لكونها مركّبة من حروف متناهية ، والمركّب من المتناهي متناه ، والمعاني غير متناهية ، ولو لا الاشتراك لما تمّ الوضع ، إذ يستحيل وضع اللفظ المتناهي للمعنى الغير المتناهي.
وقد أجاب عنه في الكفاية (١) بوجوه ثلاثة :
الأول : ان باب المجاز واسع ، فلا حاجة لوضع اللفظ لجميع المعاني.
الثاني : ان المعاني ولو لم تكن متناهية إلّا ان الاستعمال يكون متناهيا ، والوضع أيضا كذلك ، لأن الوضع انما يكون بمقدار الاستعمال ، ولا حاجة لوضع اللفظ على معاني لا تستعمل فيها.
الثالث : ان المعاني الجزئية ولو كانت غير متناهية إلّا انها ليست موضوعا له للألفاظ ، وانما الموضوع له المعاني الكليّة ، والكلّيات متناهية.
وهذا الجواب ليس بشيء ، لأن الكلّيات الفرضية أيضا غير متناهية أيضا.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٥٣.