والصحيح هو الجواب الثاني كما عرفت ، فان الوضع متناه لا محالة ، ويكفي في الوضع المتناهي اللفظ المتناهي.
ويمكن ان يجاب عنه بجواب آخر وهو ان يقال : ان المركّب من المتناهي لا بدّ وان يكون متناهيا إذا كان التركيب خارجيا ، واما التركيب الفرضي فيمكن فرض التركيب الغير المتناهي من مبدأ متناه. والمثال الواضح لذلك هو الأعداد ، فانها غير متناهية مع انها مركبة من الواحد أو من الآحاد ، فان كل عدد يفرض إذا زيد عليه واحد تحقق عدد آخر لا محالة ، بل الحروف في ذلك أولى من العدد. مثلا إذا زيد ألف على أول كل لغة مكتوبة في كتاب القاموس يضاعف عددها لا محالة ، ويضاعف ذلك باختلاف حركات الألف المزيدة إلى غير ذلك.
وتقريب آخر : نقول الألفاظ وان كانت مركبة من الحروف المحدودة ، ولكن ربما يكون التركيب ثنائيا وربما يكون ثلاثيا وهكذا ، وعلى التقادير تارة : يكون الحرف الأول مفتوحا ، وأخرى : مكسورا ، وثالثة : مجرورا ، وهكذا الحرف الثاني إلى ما لا نهاية له ، فالتركيب الفرضي في الألفاظ أيضا غير متناه ، فلا يتمّ الاستدلال المزبور ، فتأمّل.
وأما دليل القائل بامتناع الاشتراك فهو : انه نقض للغرض ، وهو محال ، فان الغرض من الوضع انما هو التفهم ، والاشتراك ينافي ذلك ، فانه لو استعمل اللفظ المشترك لا يعلم أي معنى من معناه اراده اللافظ ، وهذا من غير فرق بين القول بجواز استعمال المشترك في أكثر من معنى وعدمه ، غايته على القول بالجواز تكون الأطراف والمحتملات أكثر كما هو واضح.
وفيه : ما ذكره في الكفاية (١) من ان الغرض كثيرا ما يتعلق بالإجمال ، على ان
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٥٣.