قيام المفسدة بالطبيعي وكانت خصوصيات الفاعلين ملغاة فلازمه حرمة الإتيان به على كل مكلف ، وهذا خلاف المطلوب. وامّا لو كانت المفسدة قائمة بفعل المجموع فالتخيير حينئذ يكون في مرحلة الامتثال لا في مقام الجعل ، نظير ما لو قال المولى لعبيده «لا يدخل عليّ مجموعكم» فانهم حينئذ مخيرون في مقام الامتثال بين ان لا يدخل منهم أحد أو يدخل بعضهم دون بعض ، وهذا ليس من قبيل الواجب الكفائي.
وبالجملة لو كانت المفسدة قائمة بالمجموع لا يكون كل من اجزاء المركب بشرط لا متصفا بالحرمة ، وانما المحرم هو ضم الجزء الآخر إلى بقية الاجزاء أي منها بشرط انضمام بقية الاجزاء ، فانّ المكلف مخير في ذلك بين ترك المركب رأسا وترك بعض اجزائه دون بعض ، إلّا أنّ هذا تخيير في مرحلة الامتثال ، وهو أجنبي عن التكليف التخييري أو الكفائي. هذا كله في المورد الأول.
واما المورد الثاني : فالظاهر جريان ملاك هذا النزاع في جميع الأقسام ، فانّ التضاد ثابت بين طبيعي الوجوب والحرمة بما لهما من الأقسام ، كالتضاد الثابت بين السواد والبياض بما لهما من المراتب ، فكما انّ الوجوب النفسيّ التعييني مضاد مع الحرمة ، كذلك الوجوب الغيري مضاد مع الحرمة الغيرية ، والوجوب التخييري مضاد مع الحرمة التعيينية إلى غير ذلك ، فإنّ الإرادة والكراهة ومبغوضية شيء ومحبوبيته مما لا يجتمعان ، فيجري هذا النزاع فيما إذا أتى المكلف بصلاة الجمعة التي هي واجب تخييري في الدار المغصوبة.
نعم لا تترتب الثمرة المطلوبة من هذا البحث على اجتماع الأمر والنهي الغيري ، ولا على اجتماع الأمر الغيري مع النهي النفسيّ أو العكس.
امّا لو اجتمع الأمر الغيري مع النهي ، فان كان الأمر الغيري كالأمر المتعلق بالمقدمة امرا توصليا فمن الواضح انّ الغرض منه وهو التوصل إلى الواجب النفسيّ