يحصل بالإتيان به ولو في ضمن فرد محرم ، فلا معنى فيه للصحة والفساد. وان كان عباديا كبعض المقدمات العبادية مثل الوضوء في الإناء المغصوب فحيث انّ الأمر الغيري لا يكون عباديا ولا تحصل به القربة وليس ملاك العبادية ، فوجوده كعدمه مما لا يترتب عليه أثر ، وقد عرفت انّ عبادية مثل الوضوء انما هي بقصد امره النفسيّ الاستحبابي ، ففي الحقيقة يكون اجتماع الأمر والنهي من ذلك الحيث لا من حيث الأمر الغيري.
وامّا عكس هذا بان اجتمع الأمر النفسيّ مع النهي الغيري كما في باب التضاد فيما لو كان ترك أحد الضدين مقدمة لفعل واجب أهم ، كالإزالة والصلاة ، فانّ ترك الصلاة حينئذ يكون واجبا ، فبالمسامحة يكون فعلها محرما غيريا ، فحيث انّ النهي الغيري لا يوجب مبغوضية متعلقة وغاية ما يستلزمه هو عدم كونه مأمورا به ، لأنّ الأمر والنهي متضادان ، فلو بنينا على امتناع اجتماع الأمر والنهي وقدمنا جانب النهي أيضا يكون العمل صحيحا ، امّا بالملاك كما ذهب إليه المحقق الثاني ومن تبعه ، وامّا بالترتب على المختار ، فلا يترتب ثمرة على بحث اجتماع الأمر والنهي الغيريين وان كان ملاك النزاع جاريا فيهما أيضا ، واما بقية الأقسام فالنزاع جار فيها ، كما انّ الثمرة أيضا مترتبة فيها.
الخامس : لا يعتبر وجود المندوحة في جريان هذا النزاع أصلا ، إذ كون التركيب بين متعلق الأمر والنهي انضماميا أو اتحاديا أجنبي عن وجود المندوحة وعدمها ، كما انّ القول بالجواز أي عدم سراية كل من الأمر والنهي إلى متعلق الآخر أيضا غير متوقف على وجود المندوحة.
فالإنصاف انّ ما ذكره في الكفاية (١) في المقام من عدم اعتبار المندوحة متين
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢٣٩.