فالتفصيل في صحة المجمع بين صورتي العلم والجهل على ما نسب إلى المشهور لا ينطبق على القاعدة أصلا ، لما عرفت من انه لا بدّ من القول بالفساد في الصورتين على القول بالامتناع ، والحكم بالصحّة فيها على القول بالجواز.
فما استفدناه من بيان الثمرة امرين :
الأول : انّ هذا البحث بحث شريف ، إذ يترتب على القول بالامتناع فساد الإتيان بالمجمع في صورتي العلم بالنهي والجهل به ، إلّا فيما ورد الدليل الخاصّ فيه على الصحة من حديث لا تعاد ونحوه كما في الصلاة في الثوب المغصوب جهلا ، وعلى القول بجواز الاجتماع صحته في الصورتين.
الثاني : انّ ما نسبوه إلى المشهور من التفصيل بين الصورتين في الحكم بالصحّة والفساد لا ينطبق على القاعدة ، لأنه على الامتناع تفسد العبادة في كلتا الصورتين ، وعلى الجواز تصح فيهما ، غايته تكون الصحة في صورة الجهل بالحرمة مطلقا ، وفي فرض العلم مع وجود المندوحة مستندة إلى إطلاق الأمر من دون حاجة إلى الترتب ، وفي فرض العلم بالنهي وعدم المندوحة إلى الترتب على ما عرفت.
هذا كله في مقدمات المسألة.
وامّا تحقيق أصلها : فقد ذهب صاحب الكفاية إلى استحالة اجتماع الأمر والنهي وذكر في وجهه مقدمات بديهية أو مما ينتهي إليها.
منها : انّ الأحكام متضادة. والتضاد (١) بالمعنى اللغوي أعني التنافي بين الأحكام ضرورية ، نعم التضاد الاصطلاحي أعني استحالة اجتماع عرضين في موضوع واحد ثبوته في الأحكام مبني على كون الأحكام من قبيل الاعراض ، وامّا التضاد اللغوي فهو ثابت بلا إشكال.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢٤٩ وما بعدها.