لأنّ المقولات بل افراد مقولة واحدة متباينة ، فإذا كان بينهما العموم من وجه من حيث اجتماعهما في محل واحد واجتمعا فلا محالة يكون مصداق كل منهما مغايرا لمصداق الآخر، لأنّ الحيثية فيها تقييدية بمعنى انّ صدق العنوان فيها على المصداق لا يكون لقيام عنوان آخر به كما في المشتقات ، بل الفرد مصداق له بالذات كما انّ زيد مصداق الإنسان بالذات لا بقيام امر آخر به ، وهكذا العلم والعدالة ، فانّ مصداق العلم علم بالذات ، وهذا هو المراد من كون الحيثية تقييدية.
فتعدد مثل هذا العنوان يستلزم تعدد المعنون ، فيجوز اجتماع الأمر والنهي فيهما ، وعلى هذا بنى قدسسره جواز الاجتماع حيث انّ متعلق التكاليف دائما يكون من المبادئ والاختلاف فيها من قبيل تغاير المبادئ.
والمختار عندنا هو التفصيل ، بيان ذلك : هو انه إذا تعلق الأمر بمبدإ والنهي بمبدإ آخر ، وكان بينهما العموم من وجه من حيث إمكان اجتماعهما في محل واحد ، فلا يخلو الحال فيهما من أحد وجوه ثلاثة : لأنّه تارة : يكونان معا من العناوين المتأصلة أي من المقولات ، وأخرى : يكونان معا من الأمور الانتزاعية ، وثالثة : يكون أحدهما متأصلا والآخر انتزاعيا.
اما في القسم الأول ، أي ما إذا كان كلاهما متأصلا ، فقد عرفت انّ الماهيات العرضية جميعها متباينة بعضها مع بعض من غير فرق بين الجواهر والاعراض ، ولذا يستحيل حمل الجوهر على العرض ، وحمل مقولة على مقولة أخرى ، وحمل فرد من نوع على فرد آخر فمصداق واحد يكون مصداقا لهما غير معقول. نعم بعضها متباينة من حيث الاجتماع أيضا وبعضها يمكن اجتماعها في محل واحد كبعض أقسام الاعراض.
وبالجملة ، تارة : يكون كلا العنوانين الّذي تعلق الأمر بأحدهما والنهي بالآخر من العناوين المتأصلة ، كما لو فرضنا امر المولى بكتابة شيء ونهى عن