لتقديم أحدهما على الآخر أصلا ، إذ ليس لما لا بدل له إطلاق يعجّز المكلف عما له بدل ، والمفروض انّ القدرة في كل منهما شرعية ودخيلة في الملاك ، والمكلف ليس له إلّا قدرة واحدة يصرفها في أحدهما ، فيكون مخيرا في صرفها في أيّ منهما شاء ، إذ لا ترجيح في البين.
وبالجملة فالمرجح الأول أن تكون القدرة في أحدهما عقلية وفي الآخر شرعية ، فإنّه يتقدم حينئذ الأول على الثاني لما عرفت.
ثم لو سلمنا الكبرى وجعلنا مجرد كون أحد الواجبين ذا بدل دون الآخر من موجبات الترجيح فالفرع المعروف أعني دوران الأمر بين الطهارة المائية والطهارة الخبثية ليس من صغرياتها ، وذلك لأنّ الأمر بالمركب ينحل إلى الأمر بالاجزاء بنحو الانضمام ، ولذا ذكرنا انّ الأوامر الضمنية لا تزاحم بينها ، فإذا تعذر بعض اجزائه فمقتضى القاعدة سقوط الأمر رأسا ، ومن ثمّ التزمنا بذلك في جملة من الموارد ، كالصوم مثلا ، فانّ المكلف لو لم يتمكن من الإمساك مقدارا من النهار يسقط عنه وجوب الصوم لا محالة ، نعم في خصوص الصلاة ورد الأمر بغير المتعذر من الاجزاء في موارد خاصة وبنحو العموم أيضا بقوله عليهالسلام «فانها لا تدع الصلاة بحال» وعليه فإذا فرضنا تعذر أحد الأمرين من الطهارة المائية أو الخبثية فالامر بالصلاة المشتملة عليها ساقط لا محالة ، غاية الأمر نعلم من الخارج بثبوت امر مردد بين ان يكون متعلقا بالمشتمل على الطهارة المائية دون الخبثية وبالعكس ، ومن الواضح خروج ذلك عن باب التزاحم ، لأنّ في التزاحم لا بدّ وأن يكون هناك تكليفان يعجز المكلف عن امتثالهما معا ، وأما التكليف الواحد المردد فبابه باب التعارض ، فتقع المعارضة بين دليليهما لا محالة.
وهذا الحال جار في جملة من الفروع المذكورة في المقام ، كدوران الأمر بين ترك البسملة أو التشهد ، أو بين ترك القيام أو الإيماء للركوع والسجود وغير ذلك