ونقول : قد عرفت الكلام في ذلك مفصلا ، وإجماله : انّ الكون في ذلك المكان الّذي هو لازم الجسم المفروض انه مضطر إليه وإشغال الفضاء لا يفرق فيه بين اختلاف الهيئات ، فانّ المقدار الّذي يشغله الكر من الماء لا يفرق فيه من الزيادة والنقصان بين جعله في ظرف مربع أو مستطيل أو غير ذلك ، كما انّ تبديل الهيئة أيضا ليس تصرفا في ملك الغير ، فانه نظير ان يكره الإنسان على مطالعة شيء من الكتب المغصوبة مدة من الزمان على البدل ، فانه لا يفرق في ذلك بين ان يطالع كتابا واحدا في جميع ذلك الوقت أو يطالع في كل يوم كتابا غاصبا ، فلا تبقى إلّا مسألة الاعتماد على الأرض وهو وان كان تصرفا فيها حقيقة إلّا انه ليس كذلك بالنظر العرفي.
فالصحيح : هو الإتيان بالصلاة تامة الاجزاء والشرائط. هذا كله فيما إذا لم يكن الاضطرار بسوء الاختيار.
وامّا إذا كان كذلك ، كما لو فرضنا انّ المكلف بسوء اختياره دخل الدار المغصوبة فهو مضطر إلى الخروج لا محالة فالكلام يقع في مقامين.
الأول : في حكم نفس ما اضطر إليه ، كالخروج في المثال.
الثاني : في جواز الإتيان بالمأمور به كالصلاة حينئذ وعدمه. ومن الواضح انه مترتب على المقام الأول ، فانه لو كان ذلك التصرف في نفسه محكوما بالجواز فالصلاة أيضا جائزة ، وإلا فيكون بابه باب اجتماع الأمر والنهي.
امّا المقام الأول : فالأقوال فيه خمسة على ما في الكفاية (١) ، وتعرض الميرزا لأربعة من الأقوال.
الأول : ان يكون متمحضا في الحرمة ، كما في غير صورة الاضطرار ، فإنّ
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢٦٣ وما بعدها.