فانّ جميعها خارجة عن باب التزاحم بالكلية.
بقي الكلام فيما إذا دار الأمر بين الصلاة عن طهارة مائية وإدراك ركعة من الوقت وبين إدراك تمام الوقت مع الطهارة الترابية ، وقد طبق المحقق النائيني قدسسره تلك الكبرى على هذا المورد ، وأفتى بلزوم تقديم الوقت والإتيان بتمام الصلاة في الوقت مع الطهارة الترابية التي هي بدل عن الطهارة المائية ، وحكى انه نسب عكس ذلك إلى السيد الشيرازي قدسسره ثم كذّب النسبة.
ونقول : قد عرفت انه ولو سلمنا انّ مجرد كون أحد الواجبين مما له بدل طولي والآخر مما ليس له بدل من المرجحات إلّا انّ تلك الكبرى غير منطبقة على هذا الفرع ، لما عرفت من عدم وقوع التزاحم بين الواجبات الضمنية ، وانّ مقتضى القاعدة عند تعذر بعض اجزاء المركب هو سقوط الأمر المتعلق به.
فالتحقيق ان يقال : انه لو قلنا بما ذهب إليه بعض الأخباريين وهو الشيخ حسين آل عصفور من انّ ضيق الوقت ليس من مسوغات التيمم ، إذ لا دليل عليه مع انّ موضوعه غير الواجد أي من لم يكن متمكنا من استعماله ، وعند ضيّق الوقت يكون المكلف واجدا للماء ومتمكنا من استعماله غايته انّ الوقت ضيق ، والشاهد على ذلك هو انّ التيمم لضيق الوقت ليس رافعا للحدث ، وانما هو مبيح للصلاة فقط ، ولذا لا يجوز معه الدخول في المسجد إذا كان بدلا عن الغسل ، ولا مس المصحف وأمثال ذلك. وبالجملة على هذا المسلك لا ينبغي الإشكال في تقديم الطهارة المائية على إدراك تمام الوقت.
واما على المشهور من كون ضيق الوقت من مسوغات التيمم ، كما هو الصحيح ، فالحق ما ذهب إليه المحقق النائيني قدسسره.
أما كون ضيق الوقت من مجوزات التيمم فبيانه : انّ المستفاد من قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(١) هو كون مجموع الوقت وقت لمجموع
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.