الرابع : فيما يراد من العبادة والمعاملة في المقام. ذكر الآخوند قدسسره (١) انه يمكن ان يراد بالعبادة في المقام العبادة الذاتيّة التي تكون بنفسها خضوعا وتعظيما ، نظير السجود الّذي هو بمعنى غاية الخضوع ، فإذا وضع الإنسان جبهته على الأرض بعنوان الخضوع الّذي هو مقوم لهذا العنوان لا لحك الرأس وشبهه يكون عبادة وتعظيما ، أمر به المولى أو لم يأمر. ويمكن ان يراد بها ما لو أمر به المولى لكان عبادة مقربا لا يكاد يسقط أمره إلّا إذا أتى به بقصد القربة عبادة.
ونقول : يمكن ان يراد بها ما يقصد به المكلف التعبد والتقرب إلى المولى وان لم يكن يحصل به القرب ، إذ لا يعقل حصوله بالمبغوض وربما يقصد المكلف القربة بالمحرم كما وقع ذلك في قتل الحسين عليهالسلام على ما في الرواية ، وان يكن مقربا واقعا فيتعلق النهي بالإتيان به قربيا نظير صلاة الحائض فانّ الإتيان بها لتعليم الغير لا يكون منهيا عنه ، واما التعبد بها والإتيان بها قربيا فمنهي عنه.
وبالجملة فالمراد بالعبادة في المقام ليست العبادة بالفعل ، إذ لا يعقل تعلق النهي بها ، بل المراد بها ما يكون فيه شأنية التقرب ويقصد به القربة ويؤتى به جامعا لجميع الاجزاء والشروط المعتبرة فيه بحيث يكون مقربا للعبد لو لا النهي ، فيبحث عن انّ النهي المتعلق بمثل هذا العمل كصلاة الحائض المأتي بها بقصد القربة يدل على فساده أم لا؟ هذا كله في العبادة.
وامّا المعاملة ، فتارة : يراد بها خصوص ما يتقوم بالإيجاب والقبول وهو العقود ، ويعبر عنها بالمعاملة بالمعنى الأخص ، فيكون المبحوث عنه دلالة النهي التحريمي المولوي على فساد العقد إذا تعلق به.
وأخرى : يراد بها معنى أعم من ذلك بحيث يشمل الإيقاعات أيضا ، بان يراد
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢٨٤.