والتغيير فيما كان وظيفة المكلف من حيث الأجزاء أو الشرائط فلا يتكفل به حديث «لا تعاد» وتمام الكلام موكل إلى محله ، فعلى مسلك المشهور لا بدّ من التيمم وفعل تمام الصلاة في الوقت.
وبالجملة تارة يكون كلا الواجبين المتزاحمين مما اعتبر فيهما القدرة شرعا في لسان دليلهما ، ومرادنا من اعتبار القدرة الشرعية في الواجب أن تكون القدرة دخيلة في ملاكه بحيث لو لم يكن متعلقه مقدورا لا يكون هناك ملاك أصلا ، وأخرى تكون القدرة دخيلة في ملاك أحدهما دون الآخر ، وثالثة لا تكون القدرة دخيلة في ملاك شيء منهما أصلا.
اما القسم الثاني : فلا إشكال فيه في تقدم ما لم تعتبر القدرة في ملاكه على ما اعتبرت القدرة فيه شرعا ولو كان من أهم الواجبات وكان ما زاحمه من أضعفها ، كما لو فرضنا وقعت المزاحمة بين وجوب الحج ووجوب رد السلام الّذي هو أضعف الواجبات فيتقدم هو على الحج ، والوجه في تقدمه واضح ثبوتا وإثباتا.
اما ثبوتا ، فأنّ تقديم الحج يوجب تفويت الملاك الملزم الفعلي وهو ملاك رد السلام ، بخلاف العكس فإنه لا يوجب تفويت الملاك أصلا ، ولا يلزم على المولى ان يلزم المكلف بإدخال نفسه في موضوع ما له الملاك كما في الصوم للحاضر مثلا ، وملاك الحج وان كان أهم إلّا انه مشروط بتحقق موضوعه ، والمفروض عدمه لعجز المكلف بعد امتثاله للحكم المزاحم له ، فيكون انتفاؤه بانتفاء موضوعه.
وامّا إثباتا ، فلأنّ إطلاق الدليل الغير المشروط بالقدرة شرعا يكون معجزا للمكلف عن امتثال التكليف المشروط بالقدرة شرعا ، ولا يمكن أن يكون ذلك التكليف معجزا عن هذا ، لأنّه مستلزم للدور ، فإنّ معجزيته عنه متوقفة على فعلية موضوعه ، وفعلية موضوعه متوقفة على ان لا يكون التكليف الغير المشروط معجزا له ، وهو متوقف على معجزية هذا التكليف عنه ، وهو دور واضح.