والثاني : في المعاملات بعد الفراغ من انّ المراد من الدلالة ليست الدلالة اللفظية ، فانها منتفية ، بل المراد منها الملازمة بين الحرمة والفساد.
امّا المقام الأول : فالظاهر انّ النهي التحريمي الذاتي إذا تعلق بالعبادة يدل على فسادها امّا بناء على اعتبار قصد الأمر في عباديتها فواضح ، فانّ النهي لا يجتمع مع الأمر فإذا انتفى الأمر كيف يقصد؟
وامّا بناء على الاكتفاء بالملاك فكذلك لوجهين.
الأول : انّ عبادية كل شيء متقومة بأمرين : قابلية الفعل لأن يضاف إلى المولى ، وإضافته إليه بالفعل ، وعليه فالعبادة المنهي عنها لا يمكن إحراز قابليتها للإضافة إلى المولى وذلك :
أولا : لما عرفت من انه ليس لنا كاشف عن الملاك بعد سقوط الأمر.
وثانيا : لو فرضنا ثبوت الملاك فهو لا يوجب القابلية في العمل بعد ما كان مغلوبا للمفسدة الفعلية ، فهو نظير ما إذا كانت بعوضة على وجه المولى وارد العبد أن يزيلها بلطم خد المولى مثلا.
والثاني : انّ العبد لا يمكنه إضافة تلك العبادة إلى المولى فلا يضيفها ، اما مع الالتفات فواضح ، وبدونه أيضا كذلك ، لأنه صورة إضافة لا واقع لها ، فتفسد لا محالة ، وهذا كله ظاهر.
هذا في الحرمة الذاتيّة.
وامّا إذا تعلق النهي التشريعي بالعبادة ، فذهب في الكفاية إلى دلالته على الفساد أيضا ، لأنه يدل على عدم الأمر لا محالة.
ونقول : النهي التشريعي ان كان متعلقا بعبادة خاصة بخصوصها كما في قوله «لا صيام في السفر» (١) أو قوله عليهالسلام : «الصلاة ركعتان ركعتان» ، فانه نهى عن الركعة
__________________
(١) التهذيب ـ ٤ ـ ٢٣٠.