مجرد الحرمة لا تستلزم الفساد ، فانّ تزويج العبد بدون اذن سيده كان حراما شرعا ومع ذلك كان ممضى ومحكوما بالصحّة.
والظاهر عدم تمامية كلا الاستدلالين ، وانّ المراد من العصيان في كلتا الفقرتين هو العصيان الوضعي دون التكليفي ، وذلك لأنه لم يرد دليل على وجوب استئذان العبد من المولى في جميع أفعاله وأعماله ، نعم يجب عليه إطاعة أوامره ونواهيه ، فإذا فرضنا انه لم ينهه عن التزويج فتزوج لا يكون ذلك عصيانا تكليفيا للسيد ولا لله تعالى ، وهكذا لو فرضنا انه وكّل غيره لأن يزوج له أو وكله غيره في ذلك كل ذلك لا يكون عصيانا. وليس هذا النحو من التصرف من العبد بأعظم من بيع الفضولي مال غيره مع انه لا يكون معصية أصلا ، فلا بدّ وان يراد من العصيان في كلتا الفقرتين من الرواية العصيان الوضعي. فالمعنى حينئذ انّ العبد لم يأت بما ليس بمضي شرعا كالأمثلة المذكورة فيها ، وانما عصى سيده أي أتى بما لم يمضه السيد ولم يجزه ، وفي مثل ذلك يكون إمضاء الشارع مشروطا بإجازة السيد ، فإذا أجاز يحصل الشرط.
وبعبارة أخرى : يستفاد من الرواية انّ بعض المعاملات لا تكون ممضاة شرعا ، وبعضها تكون ممضاة مطلقا ، وبعضها مشروطا كما في موارد تعلق حق الغير فإذا حصل الشرط فيها تنفذ لا محالة ، وعليه فلا ربط للرواية بالنهي عن المعاملة أصلا. ويمكن ان يستدل بعموم العلة المستفادة منها على جواز بيع الفضولي أيضا. هذا كله في النهي الذاتي.
بقي الكلام في النهي التشريعي في المعاملة وانه يدل على الفساد أم لا؟ امّا لو أتى المكلف بمعاملة لا يعلم صحتها شرعا بعنوان الرجاء فلا إشكال في جوازه تكليفا ، وامّا لو أوجدها مسندا لها إلى المولى فلا إشكال في حرمة ذلك تشريعا ، إلّا انه لم يتوهم أحد فيها الدلالة على الفساد وحينئذ فما لم ينكشف صحة تلك المعاملة