مرادهم من تعريف الإنشاء ذلك ، وان أريد به الإنشاء الخارجي ففيه : انه لا يوجد في الخارج شيء عند إنشاء الأمر أو البيع ونحوه سوى اللفظ ، وان أريد به إيجاد اعتبار العقلاء أو الشارع فهو أيضا خارج عن اختيار المكلف ويستحيل إيجاده باللفظ ، فلا يبقى إلّا اعتبار المنشئ ، ومن الواضح انّ اعتباره متقدم على الإنشاء باللفظ فيعتبر ثم ينشئ ، فلا مناص من القول بأنّ اللفظ أو الفعل ليس إلّا مبرزا لاعتبار المتعاملين ، والمعتبر قد يكون كليا سواء كان مبرزه هيئة فعل أو الجملة الاسمية أو غير ذلك.
وعليه فلا فرق في رجوع القيد إلى الحكم واستفادة المفهوم منه بين كونه مستفادا من هيئة افعل أو غيرها ، فما تعلق على الشرط هو نفس اعتبار اللابدية ، فإذا انتفى الشرط تنتفي اللابدية أيضا ، وهذا المعنى ثابت في جميع الإنشاءات ، غايته دل الإجماع على بطلان التعليق في المعاملات في غير الوصية.
التنبيه الثاني : إذا ذكر في الشرط أمورا ورتب الجزاء عليها ، كما لو قال : «إذا جاء زيد وأكرمك مثلا فأكرمه» فلا محالة يكون الشرط هو المجموع من حيث المجموع ، وعليه فدائرة المفهوم تكون أوسع ، إذ بانتفاء كل منها ينتفي الجزاء لا محالة.
نعم إذا فرضنا انّ بعض تلك الأمور مما يعلق عليه الجزاء عقلا يتضيق دائرة المفهوم بالإضافة إليه لا محالة ، مثلا لو قال «ان رزقت ولدا وكان يوم الجمعة فاختنه» فبالنسبة إلى تحقق الولد لا يتحقق للقضية مفهوم ، ويتحقق ذلك بالنسبة إلى انتفاء يوم الجمعة ، وهذا واضح.
التنبيه الثالث : إذا علق عموم الجزاء على الشرط فلا محالة يكون هو المنتفي عند انتفاء الشرط. وامّا إذا علق الحكم العام على الشرط كما في قوله عليهالسلام «إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء» (١) فكان الجزاء سالبة كلية حينئذ هو العموم ، فيكون
__________________
(١) الاستبصار ـ المجلد الأول ـ ص ٦.