إحدى القضيتين (١) ، لأنك قد عرفت انّ التعارض ليس بين المفهومين وانما هو بين مفهوم كل من القضيتين ومنطوق الأخرى ، فهناك تعارضان كما لا يخفى ، والظاهر انما ذكره من سهو القلم.
التنبيه الخامس : انه ربما تعنون هذه المسألة من جهة أخرى بأن يقال : إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء فهل تتداخل المسببات ويجتزأ بإتيان الجزاء مرة واحدة أو تتعدد؟
وليعلم انّ المراد من اتحاد الجزاء في هذا الأمر هو الاتحاد بحسب الصورة لا واقعا ، وبهذا يظهر الفرق بين هذه المسألة والمسألة المتقدمة ، فانّ البحث هناك في انه إذا اتحد الجزاء واقعا مع فرض تعدد الشرط بحسب ظاهر القضية فهل يحكم فيه بالتقييد بالواو أو بأو أو بغير ذلك ، وفي المقام اتحاد الجزاء ظاهري وتعدده واقعا مفروغ عنه على عكس ما فرض هناك ، فيبحث في انه إذا تحقق الشرطان خارجا هل يثبت هناك حكمان يجب امتثال كل منهما مستقلا أو يتداخلان؟ مثال ذلك ما إذا ورد في الخبر : «ان ارتمست في نهار شهر رمضان فكفر» وفي خبر آخر «ان جامعت فيه فكفر» ففعلهما المكلف ، فهل يكتفي بكفارة واحدة أو تجب عليه كفارتان؟
إذا عرفت ذلك نقول : تارة يكون الشرطان من جنس واحد ، كما لو أكل في نهار رمضان مكررا ، وأخرى : يكونان من جنسين كالمثال المتقدم. وتارة : يقع البحث في ذلك عما يقتضيه الأصل العملي ، وأخرى : عما يقتضيه الدليل.
وبالجملة البحث في المسألة السابقة انما كان في فرض اتحاد الجزاء واقعا بأن كان الجزاء حكما واحدا كلتا القضيتين ، ومن ثم كان تقع المعارضة بين مفهوم كل
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣١٣.