منهما ومنطوق الآخر ، وكانت تلك المسألة منعقدة لعلاجها ، ولذا كان موردها منحصرا بموارد ثبوت المفهوم وإلّا فلو فرض سقوط المفهومين في مورد لم تكن هناك منافاة بين القضيتين أصلا ، فالبحث فيه مختص بالقضايا الشرطية.
وامّا في هذه المسألة فبعد الفراغ عن تعدد الجزاء وانّ كلا من الشرطين إذا تحقق وحده يترتب عليه الحكم بلا شبهة يبحث عن تداخل الأسباب وتداخل المسببات ، ولذا لا يختص هذا البحث بالقضايا الشرطية بل يجري في القضايا الحملية أيضا فهو أجنبي عن مبحث المفاهيم ويذكر فيه استطرادا ، مثلا ثبت انّ الأغسال أنواع مختلفة ولو بالاعتبار وكانت كل منها على عنوان خاص فغسل الجنابة على المقاربة ونحوها ، وغسل الحيض على الحائض ، ومس الميت على من مس ميتا ، وهكذا. فيقع البحث في انه إذا تحقق عنوانان منهما هل تتداخل الأسباب بمعنى انه لا يثبت إلّا تكليف واحد بالغسل أو لا؟ وعلى فرض عدم التداخل وكون السبب الثاني مؤثرا في ثبوت فرد آخر من الغسل يبحث عن تداخل المسببات ، وانه هل يسقطان بامتثال واحد أم لا؟
ويقع الكلام تارة : فيما يقتضيه الأصل العملي عند الشك في تداخل الأسباب أو الشك في تداخل المسببات في الأحكام التكليفية أو الوضعيّة ، وأخرى : فيما يستظهر من الأدلة فنقول :
اما المقام الأول : فلو شككنا في تداخل الأسباب في الأحكام التكليفية لإجمال النص وتعارضه مثلا ولم يعلم انّ السبب الثاني ان تحقق أوجب ثبوت حكم تكليفي ثاني متعلق بفرد آخر من الطبيعي أم لا ، فمن حيث التداخل ليس لنا أصل عملي يعين أحد الاحتمالين ، إلّا انّ الأصل هو البراءة عن تحقق التكليف الثاني ، ونتيجته نتيجة تداخل الأسباب ، وهذا ظاهر.
واما لو شك في تداخل المسببات بأن علمنا من الخارج بتحقق حكمين ولكن