احتملنا سقوطهما بامتثال واحد ، ومقتضى الأصل حينئذ هو الاشتغال بعكس ما قلنا عند الشك في تداخل الأسباب ، وذلك لأنّ الشك في ذلك شك في مرحلة الامتثال بعد العلم بتكليفين كما هو واضح ، هذا في الأحكام التكليفية.
وامّا الأحكام الوضعيّة ، فإذا شككنا فيها من حيث تداخل الأسباب فالاستصحاب يقتضى بعدم تحقق الحكم الوضعي الثاني بتحقق سببه ، وإذا شك فيها من حيث تداخل المسببات ينعكس الأمر ، فانّ مقتضى الاستصحاب عدم سقوط الحكم الوضعي الثاني بسقوط الحكم الأول ، فلا فرق من هذه الجهة بين الأحكام التكليفية والوضعيّة ، فانّ مقتضى الأصل في كل منهما موافق للقول بتداخل الأسباب وعدم تداخل المسببات ، غاية الأمر انّ ذلك في الأحكام التكليفية يثبت بالبراءة والاشتغال ، وفي الأحكام الوضعيّة بالاستصحاب وجودا وعدما.
هذا كله في ما يقتضيه الأصل العملي.
وامّا المقام الثاني ، أي ما يقتضيه الأدلة الاجتهادية ، فتفصيل الكلام فيه يقع في أمرين :
أحدهما : في تحرير محل النزاع. فنقول : لا إشكال في انّ بحث تداخل الأسباب والمسببات غير مختص بموارد القضايا الشرطية بل يجري في القضايا الحملية أيضا ، كما ورد في دليل من ارتمس في نهار رمضان تجب عليه الكفارة وفي دليل آخر من أتى أهله في نهار رمضان تجب عليه الكفارة فأتى بهما مكلف في يوم واحد فهذا أيضا داخل في محل النزاع.
ثمّ انّ الحكم المترتب على كل من الشرطين ، تارة : يكون قابلا للتعدد حقيقة كوجوب الكفارة في المثال ، فانه لا مانع من وجوب كفارة ثانية على المكلف.
وأخرى : لا يكون قابلا للتعدد إلّا انه يكون قابلا للتقيد بجهة دون أخرى وحيث دون حيث ، ونعبر عنه بالتعدد الحكمي ، كما في الحكم بالخيار فانه عبارة عن