ثانيا لا تكون النجاسة فيه آكد مما لم يلاق إلّا أحدهما.
هذا هو الأمر الأول.
ثانيهما : انّ المعروف من زمن فخر الدين قدسسره انّ القول بالتداخل وعدمه مبني على كون الأسباب الشرعية أسبابا حقيقة أو معرفات ، وانّ الأول مستلزم لعدم التداخل ، والثاني لثبوته.
إلّا انّ التحقيق : انّ هذا النزاع لغو محض مضافا إلى انّ المقام أجنبي عنه ، وذلك لأنّ القائل بكون الأسباب الشرعية أسبابا حقيقية لو أراد بذلك انّ السبب الّذي يرجع إلى الموضوع ويكون دخيلا فيه علّة لتحقق الحكم امّا علة فاعلية وامّا غائية ففساده واضح ، وذلك لما ذكرنا غير مرة من انّ الحكم الشرعي من افعال المولى الصادرة بإرادته واختياره ، فليس للموضوع وما يرجع إليه أدنى تأثير واقتضاء لثبوته ، فعلّته الفاعلية هو المولى ، وامّا علّته الغائية فبناء على مسلك العدلية من تبعية الأحكام لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد فهي تلك الأمور لا الموضوع ، وامّا على مسلك غيرهم فليس هناك علّة غائية أصلا. وامّا عدم كونه علّة صورية أو مادية للحكم فواضح ، والعلّية لا تخلو من الأقسام الأربعة.
وامّا القائل بالمعرفية فان أراد بذلك انّ السبب ملازم لما هو الموضوع واقعا فتحققه معرف لثبوت ما هو الموضوع في الواقع مثلا زوال الشمس بنفسه ليس موضوعا لوجوب الصلاة وانما موضوعه امر لازم له كاقتران كوكبين في السماء مثلا فهذا خلاف ظاهر الدليل الّذي أخذ ذاك السبب فيه موضوعا للحكم.
وان أراد انه معرف لثبوت الملاك وتحققه أو لثبوت الحكم فلا تضايق في ذلك ، إلّا انه لا يستفاد من أخذه في الموضوع سوى ترتب الحكم على نفسه وموضوعيته له والمعرفية بهذا المعنى غير ملازم للتداخل ولا لعدمه.
فالمهم في المقام الّذي يدور التداخل مداره وجودا أو عدما هو دفع التنافي