العام والخاصّ
الكلام في العموم والخصوص يقع في جهات :
الجهة الأولى : انّ العموم لغة بمعنى الشمول. واصطلاحا عبارة عن شمول اللفظ لكل ما يصلح ان ينطبق عليه بالوضع ، سواء كان ذلك بدلالة اللفظ بمادته مثل «كل» أو بهيئته فقط كالجمع المحلى باللام ، ويعبر عنه بالعامّ الأصولي.
وبهذا القيد ظهر الفرق بينه وبين الإطلاق ، فانّ المطلق أيضا يشمل كل ما يمكن ان ينطبق عليه إلّا انه ليس بالوضع بل بمقدمات الحكمة ، كما في قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) وقوله تعالى (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً)(٢) فالبيع فيها يشمل كل ما يمكن انطباقه عليه من أفراده إلّا انه ليس لأجل وضع اللفظ لذلك ، بل هو من جهة عدم وجود قرينة في الكلام معينة لبعض الافراد ، وحلية الفرد غير المعين لا فائدة فيها ، فيحمل على العموم والشمول ، وهكذا الكلام في لفظ الماء في الآية الثانية.
وقد ظهر أيضا مما ذكرناه في تعريف العموم الاصطلاحي أعني الأصولي انّ المركب الشامل لأجزائه غير داخل فيه وان كان عاما لغويا كالدار والصلاة والاعداد ، فانها وان كانت تشمل اجزائها إلّا انّ كل منها ليس مما يصلح ان ينطبق عليه تلك العناوين ، فلا ينطبق عنوان الصلاة على كل من الركوع والسجود ونحو ذلك ، كما لا ينطبق عنوان الدار على كل من القبة والسرداب والسطح ، والعشرة لا
__________________
(١) البقرة ـ ٢٧٥.
(٢) الفرقان ـ ٤٨.