ذهب الميرزا قدسسره (١) إلى انّ الأصل في العموم ان يكون استغراقيا ، لأنّ المجموعي محتاج إلى مئونة زائدة في مقام الثبوت ، وهو لحاظ وحدة الكثرات ، فإذا لم يكن في الكلام ما يدل عليه فالإطلاق يقتضي عدمه.
ويظهر الجواب عنه مما بيناه ، فانّ العموم المجموعي والاستغراقي ليسا من قبيل الأقل والأكثر ليحتاج أحدهما إلى مئونة زائدة ، بل كل منهما محتاج إلى لحاظ مباين للحاظ الآخر ، ففي العموم الاستغراقي لا بدّ من لحاظ الكثرات على ما هي عليها من الكثرة فتأمل ، وفي العموم المجموعي لا بدّ من لحاظها واحدة ، فليس في البين أصل لفظي يرجع إليه ، بل لا بدّ حينئذ من الرجوع إلى الأصل العملي.
ثم انه لا إشكال في ثبوت ألفاظ موضوعة للعموم وسريان الحكم إلى مجموع الافراد ، كما لا إشكال في ثبوت ألفاظ للخصوص كلفظ «البعض». ولا وجه لما ذكر من انّ من ثبوت ذلك مستلزم لكثرة المجاز فانّ أغلب العمومات مخصصة حتى قيل انه ما من عام إلّا وقد خص ، فإذا كانت ألفاظه موضوعة للعموم يلزم ان تكون أغلب الألفاظ الموضوعة للعموم مستعملة في غير ما وضعت له لما ستعرفه ، مضافا إلى انّ إرادة خلاف الظاهر له من اللفظ غير مستلزم لمجازيته من انّ التخصيص بالمتصل لا ينافي عموم العام وشموله ، لأنّ المدخول أولا يقيد ثم يرد عليه لفظ العموم ، وهكذا في المنفصل ، فانّ عدم شمول الحكم لبعض الافراد لا ينافي استعمال العام في العموم كما سيتضح إن شاء الله.
ثم انه وقع الخلاف في انّ سعة الحكم وشموله لجميع أفراد الطبيعة هل يتوقف على إجراء مقدمات الحكمة في مدخول أداة العموم أم لا؟
ذهب صاحب الكفاية قدسسره إلى الأول وتبعه الميرزا قدسسره في ذلك (٢) ، وتعرض
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٤٣.
(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٣٤ ـ ٣٣٥. أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٤٤ ـ ٤٤٥.