امّا احتمال استفادته من خصوص الجمع فواضح الفساد ، ولم يقل به أحد. كما انّ احتمال وضع هيئة المجموع لذلك يدفعه صحة استعمال الجمع المحلى باللام في موارد العهد من الذهني والذكري بلا مسامحة ، ولو كانت تلك الهيئة موضوعة للعموم لكان استعمالها في ذلك مجازا ، مضافا إلى انه لا وجه لوضع مجموع الهيئتين بعد وضع كل منهما مستقلا ، لأنه خلاف المتعارف في باب الأوضاع.
فيتعين الاحتمال الثالث ، وهو كون العموم مستفادا من كلمة «أل» ، بيان ذلك : هو انّ هذه الكلمة موضوعة للإشارة والتعريف ، فإذا أدخلت على المفرد أعني الطبيعي تكون إشارة إلى الجنس ومعرفا له ، سواء أريد به نفس الطبيعي كما في قولك «الإنسان نوع» أو أخذ بنحو السريان إلى الخارج كما في قولك «الرّجل خير من المرأة» واما إذا دخلت على الجمع فبما انّ الجمع لا يراد منه الطبيعي بل يكون ناظرا إلى الافراد لدلالته على العدد ، كما انه ليس المراد منه صرف وجود الطبيعي لدلالته على التعدد والكثرة ، وطبيعي الكثرة ليس إلّا جامعا مسامحيا انتزاعيا ، فلا بدّ وان يراد باللام الافراد الكثيرة وتعيين تلك الكثرة وتعريفها. فإذا كان في البين عهد ذهني أو ذكري يتعين به مقدار منها ، كما لو ذكر جماعة من العلماء ثم قال «أكرم العلماء» فهو ، وإلّا فلا بدّ وان يكون اللام إشارة إلى جميع الافراد ، لأنه المعين الّذي لا إبهام فيه ولا ترديد دون غيره من مراتب الكثرة.
فلا وجه لأن يقال : انّ أقل الجمع وهو الثلاثة هو المتعين ، لأنه وان كان معينا من حيث العدد إلّا انه نكرة مبهم من حيث الانطباق على كل ثلاثة من الطبيعي ، وهكذا احتمال تعيين أكثر مراتب الجمع وهو العشرة.
وبالجملة الافراد الكثيرة المتعينة من جميع الجهات إلّا جميع الافراد فيتعين باللام ، فدلالته على العموم تكون مستندة بالوضع بهذا البيان ، ولذا يتقدم الجمع المحلى باللام على المطلق عند المعارضة ولو كان إطلاقه شموليا فضلا عن ما إذا كان بدليا.