بحجة أقوى ، فان كان إجمال المخصص من حيث دورانه بين متباينين فبما انه حجة أقوى يعلم منه ان العموم لم يكن مرادا جديا للمتكلم بالقياس إلى ما أريد من الخاصّ ، وحيث انه مردد بين شيئين وحجة في أحدهما لا محالة يكون المراد الجدي من العام أيضا مرددا ، وهذا معنى إجماله ، ونتيجته نتيجة السراية التي ذكرناها في المخصص المتصل ، وان كان بينهما فرق فإنه في المتصل لم ينعقد له ظهور في المراد الجدي أصلا ، وفي المنفصل قد انعقد له الظهور في ذلك إلّا انه يرفع اليد عنه بحجة أقوى ، ومثال ذلك ما إذا قال «أكرم كل عالم» ثم قال «لا تكرم زيدا» وتردد بين كونه ابن عمر أو ابن خالد فنتيجة الخطابين : «أكرم كل عالم إلّا أحدهما». هذا كله في المنفصل المردد بين متباينين.
وامّا ان كان المخصص مرددا بين الأقل والأكثر ، فالظاهر عدم سراية إجماله إلى العام ، وذلك لأنّ العام كما عرفت انعقد له الظهور الّذي هو حجة ببناء العقلاء ، فلا يمكن رفع اليد عنه إلّا بمقدار قامت الحجة الأقوى على خلافه ، والمخصص على الفرض لم يثبت حجيته إلّا في المقدار المتيقن وهو الأقل ، فلا وجه لرفع اليد عن العموم الّذي كان حجة بالإضافة إلى الأكثر ، مثلا لو قال «أكرم كل عالم» ثم قال «لا تكرم فساقهم» ولم نعلم انّ معنى الفاسق خصوص مرتكب الكبيرة أو أعم منه ومن مرتكب الصغيرة ، فمن حيث الوضع وان لم يكن في البين قدر متيقن ، ولا معنى لأن يقال : انّ وضعه للأقل متيقن وللزائد مشكوك ، بل الأمر من حيث الوضع دائر بين متباينين إلّا انه ينحل من حيث الظهور الاستعمالي ، فيقال : إنّ إرادة خصوص مرتكب الكبيرة منه قطعي ، فهو حجة فيه ، واما الزائد فلم يحرز إرادته منه لشبهة مفهومية فلم تثبت حجيته فيه.
وبعبارة أخرى : لم يرد من الفاسق في المثال مفهومه من حيث هو ، إذ لا معنى للنهي عن إكرام الطبيعي بما هو ، وانما أخذ هذا العنوان مرآة لما في الخارج ، فالمعنى