«تذنيب»
تقدم التفصيل في بحث سراية إجمال المخصص إلى العام بين المتصل والمنفصل ، وقلنا : بالسراية في المنفصل أيضا إذا كان الأمر فيه مرددا بين متباينين ، وعدمها إذا دار الأمر بين الأقل والأكثر بالبيان المتقدم.
وربما يدور الأمر بين التخصيص والتخصص ، فهل يرجح الثاني على الأول أم لا؟ الظاهر هو الأول ، لعين ما تقدم ، فانّ العام حجة في جميع ما يمكن ان يفرض له من الافراد ، ولا يرفع اليد عنها إلّا بحجة أقوى ، وما يحتمل كونه مخصصا لإجماله لا يكون حجة ، مثلا لو قال «أكرم كل عالم» ثم قال امّا متصلا أو منفصلا «لا تكرم زيدا» وتردد بين كونه زيد العالم أو زيد البقال ، فبما انّ العام حجة بالقياس إليه ، والخاصّ مجمل وليس بحجة أصلا لا بدّ من الرجوع إلى أصالة العموم فيثبت التخصص.
وقد يتوهم انّ العلم الإجمالي بحرمة إكرام أحد الشخصين فيما إذا كان الخاصّ حكما إلزاميا منجز لحرمة إكرام كليهما ، فلا يمكن الرجوع إلى العموم.
والجواب عنه واضح لما بيانه في محله من انّ العلم الإجمالي بنفسه لا يكون منجزا ، بل هناك واسطة بينه وبين التنجيز وهي تعارض الأصول وتساقطها. وفي المقام لا تعارض بين الأصلين لاختلاف مرتبتهما ، فانّ الأصل الجاري في مصداق العام انما هو أصل لفظي وهو أصالة العموم ، وفي الآخر أصل عملي وهو البراءة ، ولا معارضة بينهما ، بل الأصل اللفظي بالالتزام يثبت انّ المراد من زيد انما هو زيد الجاهل دون العالم ولوازمه حجة.
ثم انه ربما يتمسك للتمسك بالعامّ في الشبهات المصداقية بقاعدة المقتضي والمانع بدعوى : انّ عنوان العام كالعلم في مثالنا مقتضي لوجوب الإكرام ، وثبوت الضيق مانع عنه ، وحيث انّ تحققه في الفرد المشكوك فيه غير معلوم تجري فيه