على التخيير العقلي أيضا ، وذلك لأنه بعد ما فرضنا انّ كلا من الواجبين مشتمل على الملاك الملزم في نفسه ، والمكلف غير قادر إلّا على استيفاء أحدهما فلا وجه لأن يقيد بحكم العقل خصوص إطلاق الخطاب الثاني دون الأول ، لأنه بلا مرجح ، بل يقيد كل من الإطلاقين كما في المتقارنين زمانا ، غاية الأمر الشرط في الأول من قبيل الشرط المتأخر وفي الثاني من قبيل الشرط المتقدم ، وما ذكرناه واضح ، وعلى القول بالوجوب التعليقي وفعلية كلا الوجوبين يكون أوضح.
وببيان آخر : بعد ما فرضنا انّ الواجب اللاحق مشتمل على الملاك الملزم في ظرفه ، فيجب حفظ القدرة على استيفائه ، اما عقلا وأما شرعا ، فلا محالة تقع المزاحمة بين وجوب التحفظ وبين وجوب الإتيان بالواجب الأول ، فيثبت التخيير ، فهذه الثمرة أيضا ساقطة.
بقي الكلام فيما إذا تعذر بعض أجزاء المركب ودار الأمر بين ترك بعضها دون بعض ، كالمثال الّذي قدمناه. وقد ذكر الميرزا في المقام كليات ، وانه كلما دار الأمر بين الجزء والشرط فالجزء يتقدم ، وكلما دار الأمر بين الركن وغيره فالركن يتقدم ، وكلما دار الأمر بين السابق واللاحق فالسابق يتقدم ، وكلما دار الأمر بين أصل الشرط وقيده فالشرط يتقدم إلى غير ذلك ، فهل يمكننا المساعدة على هذه الكليات أم لا؟
الظاهر هو الثاني ، وذلك لما بيناه من انّ الجزئية أو الشرطية منتزعة من الأمر بالمركب أو بالمقيد ، فليس الجزء أو الشرط مأمورا به مستقلا ، فإذا تعذر بعض الاجزاء أو الشرائط يسقط الأمر المتعلق بالمركب منه لا محالة ، غاية الأمر في خصوص الصلاة ورد الدليل على عدم سقوطها بحال ، فان كان المتعذر امرا معينا يجب الإتيان بالباقي ، وان كان مرددا فلا محالة يكون المكلف به مرددا ، فيقع التعارض بين دليلي الجزءين أو الشرطين أو الجزء والشرط.