اختصاص الخطاب بالمشافهين وعدمه
فصل : وقع الكلام في انّ الخطابات الشفاهية تعم الغائبين والمعدومين أم لا؟ وتظهر ثمرة هذا البحث بناء على ما ذهب إليه المحقق القمي من اختصاص حجية الظواهر بمن قصد افهامه بضميمة عدم كوننا مقصودين بالإفهام إذا لم تشملنا الخطابات ، فانه عليه يكون ظواهر الخطابات الشفاهية حجة لنا بناء على شمولها للغائبين والمعدومين ، وليست حجة بالإضافة إلينا بناء على عدمه. فلا بدّ حينئذ في إثبات مؤدياتها في حقنا من التمسك بما دل على الاشتراك في التكليف ، وهو لا يجري إلّا في فرض اتحاد في الصنف ، فإذا احتملنا الاختلاف لا يجري ذلك ، مثلا في قوله عزّ شأنه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا (١) نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ)(١) نتمسك بإطلاقه ونثبت الحكم بوجوب صلاة الجمعة علينا لو قلنا بشمول الخطاب للمعدومين ، وإلّا فليس ظاهر الآية حجة بالقياس إلينا لنتمسك به ، وحيث انّ الحاضرين كانوا واجدين لخصوصية وهي كونهم في زمان الحضور ونحن نفقدها نحتمل دخلها في الحكم ، فلا تجري فيه قاعدة الاشتراك في التكليف أيضا لاختلاف الصنف ، فليس لنا دليل على وجوب صلاة الجمعة في حقنا. هذا على مسلك الميرزا القمي من عدم حجية الظواهر لغير المقصودين بالإفهام.
وتظهر الثمرة أيضا على المسلك الآخر الّذي سنبينه من حجية الظواهر حتى لمن لم يقصد افهامه في جواز التمسك بالإطلاق وعدمه ، وذلك لأنه لو كانت الخطابات مختصة بالمشافهين الحاضرين ولم يكن غيرهم مقصودا بالإفهام منها فبما
__________________
(١) الجمعة ـ ٩.