وامّا الاخبار المتكفلة للأحكام فلم نعثر فيها على خطاب شفاهي بعنوان يا أيّها الناس أو يا أيها الّذي آمنوا ونحو ذلك أصلا ليقع البحث عنها. وبالجملة فهذا النزاع مما ليس له صغرى أصلا.
تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض مدلوله :
فصل : إذا ورد لفظ عام وتعقبه ضمير في حكم آخر أو قضية أخرى يرجع إلى بعض افراد العام ، ودار الأمر بين الالتزام بالاستخدام وان يراد به بعض ما أريد بمرجعه حين التكلم به الّذي هو خلاف الظاهر فانّ الضمير بمنزلة الإشارة إلى لفظ بما له من المعنى ، فإذا أراد المتكلم منه حين تكلمه به معنى فالظاهر انّ ذاك المعنى هو المراد أيضا في إرجاع الضمير إليه ، وغيره خلاف الظاهر ، غاية الأمر انّ الاستخدام له مراتب ، إذ قد يكون الاستخدام بإرادة امر مباين مما أريد من المرجع أولا ، وقد يكون بإرادة بعض ما أريد منه ولكن كله خلاف الظاهر ، وبين الالتزام بالتخصيص وان المراد الواقعي من العام انما هو الخاصّ من أول الأمر؟ ومثل لذلك بقوله تعالى (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ)(١).
وقد وقع الخلاف في ذلك ، وذهب بعض إلى الاستخدام تمسكا بأصالة العموم كما هو ظاهر الميرزا (٢) قدسسره ، وذهب بعض إلى التوقف وانّ الكلام حينئذ يكون من المحتف بما يصلح للقرينية ، فلا يتمسك بأصالة العموم ولا بأصالة عدم الاستخدام كما في الكفاية (٣) ، وبعض التزم بالتخصيص تحفظا على أصالة عدم الاستخدام وهو الأظهر.
وقد ذكر لعدم جريان أصالة عدم الاستخدام وجهان.
__________________
(١) البقرة ـ ٢٢٨.
(٢) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٩٢.
(٣) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٦٢.