تخصيص العام بالمفهوم
فصل : ذكر في الكفاية (١) انه لا خلاف في تخصيص العام بمفهوم الموافقة. وفي تخصيصه بالمفهوم المخالف خلاف ، ثم بين قدسسره كبرى كلية لا ترجع إلى محصل وهي : انه لو كان كل من عموم العام والمفهوم مستفادا من مقدمات الإطلاق فلا ينعقد لهما ظهور في المخصص المتصل ، ولو كان بالوضع فلا يستقر لهما ظهور ، وهكذا في المخصص المنفصل إلى آخر ما أفاد.
والتحقيق : انّ المفهوم ينقسم إلى موافق ومخالف ، والموافق ينقسم إلى قسمين : الأولوية القطعية والمساواة. والأولية أيضا على نحوين :
أحدهما : ان يكون ذلك مفهوم عرفيا من نفس اللفظ يعرفه كل عارف باللغة كقوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(٢) فانه يستفاد منه كل واحد حرمة الشتم والضرب والقتل أيضا بالأولوية القطعية ويعرف انّ ذكر كلمة «أف» انما هو من جهة كونه أدنى مرتبة التضجر.
وثانيهما : ان يحتاج استفادته إلى ضم مقدمة عقلية إليه ، كما لو قال المولى «سب الإمام موجب للكفر» فانه بعد علم من الخارج انّ ذلك انما هو لحرمة الإمام وليس لكونه بشرا مخلوقا يفهم منه حرمة سبه تعالى بالأولوية ، ولا بدّ فيه من كون المقدمة العقلية قطعية ، وإلّا فيكون استحسانا وليس بحجة.
وامّا المساواة ، وهي الملازمة بين ثبوت الحكم لموضوع وثبوته لموضوع آخر ، أي القطع بثبوت الحكم لموضوع على تقدير ثبوته لمورد آخر فهي أيضا على
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٦٣.
(٢) الإسراء ـ ٢٣.