المفهوم ، فانتفاؤه مستلزم لانتفاء ملزومه وهو الحكم المذكور في المنطوق لا محالة ، من دون حاجة إلى تصرف آخر في نفس المنطوق ، وهذا نظير ما إذا قامت البينة على ثبوت أحد المتلازمين ، أو على انتفائه ، فانها تثبت اللازم الآخر أو تنفيه من دون حاجة إلى قيام بينة أخرى على ذلك.
وان شئت فقل : انّ المعارضة حقيقة تكون بين العام والمنطوق في لازمه ، فالتصرف فيه ليس بلا مقتضى ، كما انّ التصرف في المفهوم بما انه بنفسه تصرف في المنطوق لا يكون مستحيلا ، وعليه فإذا وقع التعارض بين العام ومفهوم الموافقة فان كان المفهوم أخص مطلقا من العام يخصصه ، وان كان بينهما عموم من وجه يتقدم الأظهر منهما على الآخر فيما إذا كان أحد الظهورين بالوضع والآخر بالإطلاق أو كان أحدهما أقوى من جهة أخرى ، وإلّا فلا بدّ من الرجوع إلى مرجحات المعارضة ، أو القول بالتساقط والرجوع إلى إطلاق أو عموم فوقاني ، أو إلى الأصول العملية على ما بين في محله.
المورد الثاني : في تخصيص العام بالمفهوم المخالف. إذا تحققت المعارضة بين العام ومفهوم المخالفة ، هل يتقدم العموم على المفهوم ، أو ينعكس الأمر ، أو يفصل كما في الكفاية (١) بين ما إذا كان العموم بالوضع والمفهوم من مقدمات الحكمة فيتقدم العام ، وإذا انعكس الأمر ينعكس ، وان كان كلاهما بالإطلاق فلا ينعقد الظهور لشيء منهما إذا كانا في كلام واحد ، وان كانا معا بالوضع أو كانا في كلامين فلا يستقر لهما ظهور؟ وجوه.
والصحيح : انّ المفهوم إذا كان أخص مطلقا من العام يتقدم عليه مطلقا ، سواء كان العموم بالوضع وقلنا : بأنّ تخصيص العام مجازا ، أو كان بالإطلاق ، سواء قلنا :
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٦٣.