والظاهر انّ الاستثناء لا خصوصية فيه ، بل البحث يعم كل قيد تعقب جملا عديدة وأمكن رجوعه إلى البعض أو الجميع ، سواء كان استثناء أو ظرفا أو مجرورا أو غير ذلك.
والتحقيق : انّ تعدد الجمل واختلافها لا بدّ وان يكون لأحد أمور ثلاثة : امّا لتعدد محمولاتها مع وحدة الموضوع ، وامّا لتعدد الموضوعات ووحدة المحمول ، واما لتعددهما واختلافهما معا. مثال الأول ما لو قال «العلماء أكرمهم وأضفهم وأطعمهم» ، ومثال الثاني ما لو قال «أكرم العلماء والتجار والاشراف» ، ومثال الثالث ما لو قال «أكرم العلماء وجالس التجار وأضف الاشراف».
امّا القسم الأول ، فتارة : لا يتكرر ذكر الموضوع في شيء من تلك الجمل ، وأخرى : يتكرر في بعضها. فإذا لم يتكرر فالظاهر بحسب الفهم العرفي انّ المحمول في تلك الجمل امر واحد ، وحيث لم ير المتكلم جامعا بين المحمولات أعني الإكرام والضيافة والإطعام في المثال ليعبر به أطال الكلام وجاء بمحمولات عديدة ، فتلك الجمل وان كانت متعددة صورة ولبّا ويلحق كلا منها حكمه إلّا انها بالفهم العرفي تكون في حكم جملة واحدة ، وبمنزلتها ، فكأنّ المتكلم حكم دفعة بثبوت جميع المحمولات للموضوع الواحد ، فإذا تعقبها استثناء أو قيد آخر في هذا الفرض فلا محالة يرجع إلى الجميع لأنه تقييد أو تخصيص للموضوع بما له من الحكم.
وامّا إذا تكرر ذكر الموضوع في اللفظ مثلا قال «العلماء أكرمهم وأطعمهم ، والعلماء أضفهم» فلا بدّ وان يكون التكرار لعناية ، وهي بالنظر العرفي ليس إلّا قطع تلك الجملة وما بعدها عن الجمل السابقة وجعلها مستقلة من جميع الجهات ، فإذا تعقبها استثناء في هذا الفرض ، وقال «إلّا فساقهم» فلا محالة يرجع إلى خصوص الجملة التي كرر فيها ذكر الموضوع والجمل المذكورة بعدها دون الجمل السابقة عليها ، وهذا ظاهر بحسب الفهم العرفي. ولو تنزلنا عن ظهور ذلك ، فرجوع القيد