النحويين من أخذ التعين الذهني في علم الجنس انما هو من جهة انّ العرب يعاملون معه معاملة المعرفة ، فالتزموا بذلك ، ولا حاجة إلى هذا التكليف أصلا ، ضرورة إمكان ان يكون في اللغة العربية نكرات يعامل معها معاملة المعارف ، فتكون معارف سماعية ، كما ثبت فيها مؤنثات سماعية ، وهي أسماء يعامل معها معاملة التأنيث من دون ان تكون مؤنثات حقيقية أو لفظية كالمكرر من أعضاء الإنسان مثل اليد والرّجل والعين وأمثال ذلك ، فيقال اليد اليمنى أو الرّجل اليسرى وهكذا من دون ان يكون مؤنثا لفظا ولا معنى.
ومنها : المفرد المعرف باللام ، ذكر في الكفاية (١) انّ المعروف انّ اللام تكون موضوعة للتعريف ومقيدة للتعيين في غير العهد الذهني. ثم أورد على ذلك بما تقدم من انّ لازم أخذ التعين في المعنى عدم صدقه على ما في الخارج.
ويجري فيه ما ذكرناه حرفا بحرف ، ثم اختار بعد ذلك انّ اللام مطلقا تكون للتزيين ، والتعيين مستفاد من خصوصيات الموارد.
ونقول : الظاهر انّ اللام موضوعة للإشارة نظير لفظ «هو» أو «ذا» غاية الأمر كما انه تارة : يشار بلفظ «هو» إلى الكلي فيقال : «الكلي هو الّذي يكون قابلا للصدق على الكثيرين» ، وأخرى : يشار به إلى الموجود الخارجي ، وثالثة : إلى غير ذلك ، كذلك لفظ (أل) تارة : يشار به إلى الطبيعي فيفيد الاستغراق كما في قوله تعالى (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)(٢) أي جنسه ، فيعم جميع الافراد إلّا ما استثنى ، وأخرى : يشار به إلى المذكور في الكلام كما في قوله تعالى (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(٣) ويعبر عنه بالعهد الذكري ، وثالثة : يشار به إلى الخارج ، فيقال «أكرم
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٨٠.
(٢) العصر ـ ١.
(٣) المزمل ـ ١٦.