الجنس في نفس الماهية في الحدود فيقال : «الإنسان حيوان ناطق» وفي المجرد فيقال : «الإنسان نوع» وفي المخلوطة فيقال «الإنسان الضاحك» وفي المطلقة فيقال : «أكرم كل إنسان» من غير حاجة إلى عناية ومسامحة. هذا مضافا إلى انّ حكمة الوضع أيضا تقتضي وضعه لذلك دون اللابشرط القسمي للحاجة إلى الاستعمال في جميع الأقسام دون خصوصية ، فالتقييد مطلقا لا يستلزم المجازية إلّا إذا لم يكن التقييد بنحو تعدد الدال والمدلول بل استعمل اللفظ في المقيد بما هو مقيد فيكون مجازا لا محالة.
ثم انه بعد ما أثبتنا كون اسم الجنس موضوعا للماهية المهملة ، وانّ كلا من التقييد المعبر عنه بشرط شيء والإطلاق المعبر عنه باللابشرط القسمي خارجان عما وضع له لفظه ، لا بدّ وان يكون استفادة كل منهما بقرينة خارجية حالية أو مقالية ، فإذا شككنا في مورد في الإطلاق والتقييد فحينئذ يدور الأمر بين قسمين أي اللابشرط القسمي أو بشرط شيء ، واما بشرط لا فهو غير محتمل في القضايا المتعارفة لما عرفت من انه غير قابل للطلب أصلا ، بل لا يحمل عليه شيء سوى ما كان من المعقولات الثانوية حيث لا موطن لها إلّا في الذهن.
وبالجملة إذا شك في الإطلاق والتقييد ، فهل يكون قرينة عامة يستفاد منها الإطلاق أم لا؟
المعروف هو الأول ، ويعبر عن تلك القرينة بقرينة الحكمة لاختصاص قرينتها بما إذا كان المتكلم حكيما ، ولا تنتج في المتكلم السفيه وما يلحق به ، وهذه القرينة مركبة من مقدمات.
المقدمة الأولى : ورود الحكم على المقسم وتمكن المتكلم من التقييد ، وتوضيح ذلك : وان كان قد تقدم الكلام فيه في مبحث التعبدي والتوصلي بما لا مزيد عليه هو : انا قد ذكرنا آنفا انّ الإطلاق والتقييد مما يتصف بهما كل من اللفظ والمعنى ،