أيضا غير ملتزم به في الفقه. فإذا تمت المقدمات المتقدمة فيتحقق الإطلاق ولو كان هناك متيقن في مقام التخاطب ، ويثبت به الإطلاق الثبوتي ببناء العقلاء على تبعيته له كشفا.
وامّا الانصراف ، فهل يكون مانعا عن الإطلاق أم لا؟
نقول : انصراف اللفظ عن فرد أو صنف تارة : يكون بدويا ناشئا من غلبة وجود بعض الأصناف دون بعض ، كانصراف لفظ الماء في النجف الأشرف إلى ماء الكوفة أو البئر مثلا لكونه متعارفا فيه دون غيره ، فلو قال أحد هناك يجب على كل أحد ان يشرب الماء في الساعة الفلانية ينصرف ذهن الأهالي إلى ماء النهر ، إلّا انه بدوي يزول بأدنى تأمل في ما وضع له لفظ الماء وتساويه من حيث الصدق عليه وعلى غيره من الأفراد ، وهذا لا يمنع عن تحقق الإطلاق أصلا.
وأخرى : يكون انصرافا حقيقيا ثابتا عند العرف ، كما في الماهيات التشكيكية التي يكون صدقها على بعض الأفراد أولى من صدقها على البعض الآخر ، وهذه الأولوية كالأولوية في قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ)(١) وهذا نظير انصراف الحيوان عن الإنسان ، فانّ الحيوان بمادته وهي الحياة بمعنى الحركة بالإرادة ، وهيئته وهي فعلان صفة مشبهة بمعنى المتصف بالحياة يصدق لغة على الإنسان أيضا إلّا انه لشرافته كأنه ليس من أفراده عرفا ، ولذا لو خوطب إنسان بلفظ أيّها الحيوان يغضب ، ولو قيل لأحد جئني بحيوان فجاءه برجل شريف معتبر ربما يضحك على فعله ، وليس هذا إلّا لانصراف الحيوان عن الإنسان عرفا ، وهذا النحو من الانصراف مانع عن الإطلاق جزما لمنعه عن تحقق أول مقدمة من مقدماته وهي ورود الحكم على المقسم ، فانّ الحيوان بالفهم العرفي غير
__________________
(١) الأنفال ـ ٧٥.