بقي التنبيه على أمور :
الأول : انه لو كان الدليلان ظاهرين في تعدد الحكم المستلزم لتعدد الامتثال لا يحمل المطلق على المقيد ، وانما يكون ذلك فيما إذا كان الدليلان ظاهرين في وحدة الحكم أو استفيد ذلك من الخارج ، وتفصيل ذلك وان تقدم في بحث التداخل إلّا انّه لا بأس بالتكرار إجمالا. فنقول : تارة : يكون كل من المطلق والمقيد مطلقا غير مشروط بشيء بان قال «صل قائما» ، أو كانا مشروطين بشرط واحد كما لو قال «ان ظاهرت أعتق رقبة» وقال أيضا «ان ظاهرت أعتق رقبة مؤمنة» وفي هذين الفرضين يحمل المطلق على المقيد على ما عرفت ، والحمل في الثاني أظهر لظهوره في وحدة الحكم في نفسه.
وأخرى : يكون المطلق مطلقا غير مشروط والمقيد يكون مشروطا ، كما لو قال «أعتق رقبة» وقال أيضا «ان ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة» فانّ ظاهر ذلك تعدد الحكم وانّ عتق مطلق الرقبة واجب على كل مكلف ، ويجب أيضا عتق خصوص المؤمنة على من ظاهر ، فلكل منها إطاعة وامتثال مستقل. وهكذا لو كان كل من المطلق والمقيد معلقا على سبب مغاير للآخر كما لو قال : «ان ظاهرت فأعتق رقبة» وقال أيضا : «ان أفطرت فأعتق رقبة مؤمنة» وهذا أظهر في التعدد من سابقه.
وبالجملة فحمل المطلق على المقيد في المقام لا وجه له بعد ظهور الدليلين في التعدد أصلا كما هو واضح.
الثاني : انّ حمل المطلق على المقيد غير جار في المستحبات ، ولذا كأنه انتقض بها على من حمل المطلق على المقيد في الواجبات ، فانه يقال : لو كان المقيد قرينة عرفية على المطلق فلا يفرق فيه بين الإلزام وغيره أصلا ، وقد أجيب عنه بأمور من التسامح في السنن ، والعلم بكون المستحبات ذات مراتب وغيره مما لا يرجع إلى محصل.