فتحصل من هاتين المقدمتين تقارن زمان كل من الأمر بالأهم والمهم وعصيانهما ، أو عصيان الأول وامتثال الآخر ، والترتب المبحوث عن إمكانه هو هذا.
المقدمة الرابعة : وهي التي يدور عليها الترتب ، انا ذكرنا انّ تقابل الإطلاق والتقييد ليس تقابل العدم والملكة ، ولذا قد يستلزم استحالة أحدهما ضرورية الآخر أحيانا على تفصيل مر في محله ، وذكرنا أيضا انّ الإهمال النّفس الأمري ثبوتا غير معقول ، فلا بدّ وان يكون الحكم مطلقا أو مقيدا بالقياس إلى كل ما يلحظ إليه من غير فرق بين الانقسامات الأولية والثانوية ، ومن الانقسامات الثانوية مسألة الامتثال والعصيان ، فالحكم بالقياس إليهما مطلق لكن لا بمعنى أخذ القيود ، إذ يستحيل أخذهما في الحكم ، فانّ أخذ الامتثال فيه مستلزم لطلب الحاصل ، وأخذ العصيان فيه مستلزم لطلب الجمع بين نقيضين ، وكلاهما محال ، بل بمعنى رفض القيود بمعنى ان يكون التكليف متوجها إلى عامة المكلف من غير فرق في ذلك بين الممتثل والعاصي.
والحاصل : انّ انحفاظ الحكم في تقدير لا يخلو عن أحد أقسام ثلاثة :
الأول : ان يكون ذلك القيد دخيلا في الخطاب ويكون مشروطا ومربوطا به الحكم ، كما في قوله عليهالسلام «إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة» فعند الزوال يكون وجوب الصلاة ثابتا لكونه قيدا مأخوذا فيه ، وهكذا الحال في انحفاظ كل وجوب مشروط عند تحقق شرطه كوجوب الحج عند حصول الاستطاعة.
الثاني : ان يكون ذلك القيد أجنبيا عن الحكم بالكلية ولا يكون له دخل في ثبوت الحكم أصلا ، وهذا هو الإطلاق الّذي عرفت انه بمعنى رفض القيود ، كما لو قال المولى (ان سافرت فقصر) فانّ الحكم بوجوب القصر ثابت للأبيض والأسود والعجمي والعربي وغير ذلك.