دون الافراد وانّ الإتيان بالفرد انما يكون موجبا لسقوط الأمر لانطباق الطبيعي عليه فلا مزاحمة أصلا ، لأنّ المأمور به وهو الطبيعة لا يزاحم المضيق ، والافراد المزاحمة لم يتعلق بها امر فإذا أتى بها المكلف يكون انطباق الطبيعي عليها قهريا من دون حاجة إلى الترتب ، وقد تقدم الكلام في ذلك.
ثم انّه قد ذكرنا فيما تقدم انه لو وقع التزاحم بين واجبين مضيقين يبقى وجوب الأهم منهما على إطلاقه ، واما إطلاق وجوب المهم فيقيد بعصيان الأهم وبذلك يرتفع التزاحم بينهما. وهذا الترتب إثباتا لا يحتاج إلى دليل ، بل نفس دليلي الواجبين يكفي في ذلك لأنّ الضرورات تقدر بقدرها.
ولكن الّذي ينبغي ان يقال : هو انّ التزاحم تارة : يكون بين واجبين آنيين كما في إنقاذ الغريقين. والترتب في مثل ذلك آني كما لا يخفى.
وأخرى : يكون الواجب الأهم آنيا دون المهم كما لو وقع التزاحم بين الإنقاذ والصلاة في سعة وقتها. وقد عرفت خروج مثل ذلك عن باب التزاحم ، لأنّ الأمر في الموسع انما يتعلق بالافراد المقدورة التي ليست مزاحمة بواجب أهم على ما مر الكلام فيه.
وثالثة : ينعكس الأمر بان يكون المهم آنيا دون الأهم. وفي مثل ذلك أيضا يكون الترتب آنيا ، وهذا كله واضح.
ورابعة : يكون كل منهما استمراريا أي مركبا وموسعا. وفي مثله لا يكفي الترتب الآني، بل لا بدّ فيه من الالتزام بالشرط المتأخر ، كما في الصلاة والإزالة ، فإنّ ترك الإزالة حدوثا أي آناً ما لا يكفي في صحة الأمر بالصلاة ، فانّ الصلاة اسم لمجموع الاجزاء لا لخصوص تكبيرة الإحرام ، فعصيان الإزالة من أول الشروع في الصلاة إلى آخر الفراغ عنها شرط في الأمر بالصلاة بنحو الشرط المتأخر ، وهذا ظاهر.