وثالثا : انّ ما ذكره قدسسره لو سلّم فانما يتم بالإضافة إلى إيجاب ذي المقدمة ، وامّا المقدمة فهي وجود مستقل مغاير لذيها ، فأيّ مانع من اشتراط إيجابها بالإتيان بذي المقدمة ، أو بعدم الإتيان به ، فتأمل.
فتلخص مما ذكر : انّ محذور الترتب في المقام ليس المحذور المتوهم في القسم المتقدم ، وهو طلب الجمع بين ضدين ، الّذي أثبتنا ارتفاعه بتقييد أحد الخطابين بعصيان الآخر ، بل محذوره امر آخر وهو اجتماع الحكمين المتنافيين ، وهذا لا يرتفع بالترتب ، فلا يمكن القول به.
وعلى هذا فيسقط حرمة المقدمة في مفروض المقام مطلقا بناء على القول بوجوب مطلق المقدمة ، فيثبت ما ذهب إليه المحقق الخراسانيّ من جواز ارتكاب المقدمة ولو بدون قصد الإيصال ، فيجوز الدخول في الدار الغصبية إذا توقف عليه إنقاذ الغريق ولو بداعي التفرج ونحوه مع العلم بعدم ترتب الإنقاذ عليه.
وبهذا يظهر : انه بناء على القول بمقدمية ترك أحد الضدين لفعل الآخر والقول بوجوب ذات المقدمة ينسد باب الترتب كلية ، مثلا إذا فرضنا انّ ترك الصلاة مقدمة لفعل الإزالة التي هي أهم ، فيكون ترك الصلاة واجبا مطلقا ، فإذا قلنا : بوجوب فعل الصلاة أيضا بنحو الترتب ومشروطا بترك الإزالة يلزم طلب فعل الصلاة وتركها ، وهو محال ، لأنه تكليف بما لا يطاق ، فلا يبقى مجال للترتب.
القسم الثالث : ما إذا كان التزاحم من جهة اجتماع الأمر والنهي. ولا بدّ ان يفرض الكلام في فرض عدم وجود المندوحة ، وإلّا فلا تزاحم بين الحكمين لإمكان امتثالهما معا ، فعلى الامتناع يتقدم الأهم لا محالة ونفرض في المثال المعروف أهمية الغصب وتقدم الحرمة على وجوب الصلاة ، فهل يمكن الأمر بها مشروطا بعصيان النهي عن الغصب؟
ذهب الميرزا قدسسره إلى استحالته ، بدعوى : انّ فعل الغصب لا يخلو من ان يتحقق