فصل : هل يتعلق الأمر بالطبيعي أم بالأفراد؟
وقع النزاع في انّ الأمر متعلق بالطبيعي أو بالأفراد. ونتعرض للثمرة المترتبة على ذلك في بحث الاجتماع الأمر والنهي أيضا ، وقد خالفوا في ذلك مع تسالمهم على امرين :
الأول : استحالة تعلق الطلب بإيجاد الموجود ، فانه من طلب الحاصل.
الثاني : استحالة تعلقه بالماهية من حيث هي ، فانها ليست إلّا هي وغير قابلة لأن تكون مطلوبة.
فيستنتج منهما بالضرورة انّ متعلق الطلب إيجاد الماهية في الطلب التكويني والتشريعي من غير فرق بينهما ، غايته انّ المطلوب في الأول فعل نفسه ، وفي الثاني فعل غيره ، وعلى هذا فلا وقع للنزاع المزبور أصلا.
فالصحيح انّ هذا النزاع مبني على أمور أخر :
أحدها : ان يكون مبنيا على المسألة المعروفة في الفلسفة من انّ الكلي الطبيعي موجود في ضمن حصصه وأفراده بان يكون الوجود الواحد وجودا للفرد والطبيعي ، بل لماهيات عديدة طولا إلى ان ينتهي إلى جنس الأجناس ، لصحة حمل الكلي على الفرد بالحمل الشائع ، وملاكه انما هو الاتحاد في الوجود ، أو انه غير موجود خارجا ، وانما الموجود أفراده ، ونسبة الطبيعي إليها نسبة الأمر الانتزاعي إلى منشأ انتزاعه.
فعلى الأول يكون متعلق الطلب نفس الطبيعي ، فانه لا وجه لرفع اليد عن ظهور الأمر في طلب الطبيعي بعد إمكان تحققه خارجا ، فانّ المادة موضوعة