فصل : في الوجوب التخييري
لا إشكال في إمكان الوجوب التخييري ووقوعه في الشرع والعرف. وحيث انّ الواجب هو ما لا يجوز تركه ويستحق العقاب عليه ، وقع الإشكال في الواجب التخييري في انه كيف يكون واجبا مع جواز تركه ولو إلى بدل؟! فكأنّ ذلك يكون من اجتماع النقيضين وقد ذكروا في تصويره وجوها :
أحدها : ما نسبه المعتزلة إلى الأشاعرة وبالعكس ، وتبرأ منه كلتا الطائفتين من انّ الواجب هو ما يختاره المكلف ويأتي به ، المعلوم عنده تعالى ولو كان مجهولا لغيره.
وفيه : أولا : انه لو عصى المكلف ولم يأت بشيء منها فما يكون الواجب حينئذ؟
وثانيا : انّ الواجب التخييري موجود في الأمور العرفية أيضا ، وأهل العرف لا يعلمون الغيب ، فمطلوبهم في الواقع أيّ شيء؟ مضافا إلى انّ الظاهر اشتراك المكلفين في الأحكام ، ولا فرق بينهم في ذلك.
ثانيها : انّ كلا منها واجب إلّا انّ وجوب جميعها يسقط بفعل واحد منها.
وفيه : انّ الإتيان بمتعلق كل امر لا يوجب إلّا سقوط امره دون الأمر المتعلق بغيره.
وفصل في الكفاية (١) بين ما إذا كان هناك غرض واحد للأمر قائم بكل من الأمور بحيث يحصل بإتيان كل منها ، فالامر حينئذ امر واحد متعلق بالجامع بينها ،
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢٢٥.