أحد المائعين وكان كلاهما نجسا في الواقع ، فالمعلوم نجاسة أيّ منهما؟ أو علمنا بفسق أحد شخصين وكانا معا فاسقين ، فهل المعلوم فسق أحدهما معينا أو فسقهما معا أو فسق غيرهما؟ كل ذلك خلف ، فليس المعلوم إلّا عنوان أحدهما ، وهو عنوان قابل الانطباق على ما في الخارج ، وكما يصح ان يقال : هذا عباء مثلا يمكن ان يقال : مشيرا إليه هذا أحد مملوكات زيد من غير مسامحة ، وهكذا يمكن ان يتعلق الشوق بعنوان أحد الأمرين أو الأمور فنقول إنّي أشتقت أحد الطعامين ، وإذا أمكن تعلق الصفة النفسانيّة به فإمكان تعلق الأمر الاعتباري به يكون بطريق أولى ، فتأمل. فلا مانع من ان يأمر المولى بعنوان أحد الأمرين ويطلب نفس هذا العنوان الانتزاعي على ما له من الوجود الانتزاعي خارجا عنه.
وعلى هذا فالفرق بين التخيير العقلي والشرعي هو انّ الشارع تارة يعلق حكمه على الطبيعي ابتداء ، فيكون تطبيقه على افراده بيد المكلفين من غير اختصاصه بأحد دون أحد ، وهذا هو التخيير العقلي ، وأخرى يبين الشارع افراد متعلق حكمه وان كان كل منها كليا ، ثم العقل ينتزع جامعا عنوانيا بين تلك الافراد ، وهذا هو مورد التخيير الشرعي.
«التخيير بين الأقل والأكثر»
إذا عرفت حقيقة الواجب التخييري. فنقول : وقع الخلاف في إمكان التخيير بين الأقل والأكثر ، فذهب بعض إلى إمكانه ، وجماعة إلى استحالته وانّ الزائد على الأقل اما يقع مستحبا ، وامّا يكون تشريعا محرما.
والتحقيق : انّ الأقل تارة : لا يكون موجودا في ضمن الأكثر ، بل يكون الأقل موجودا بوجود مغاير لوجود الأكثر كما في الطويل والقصير ، مثلا لو امر